التفافه، وأصله مثل الدّن «١» وأغلظ، واذا حطّ رأس القناة استجابت حتّى تقارب الأرض، فإذا تركت عادت إلى حالها، فجذب رأس قناة غليظة حتّى قربت منه ثمّ شدّ بها ضفائره شدّا وثيقا، ثمّ أخذ الخنجر وهو كالنّار في سرعتها، فقال لهم: انّي قاطع رأسي به فإذا بان عن بدني فاطلقوه من ساعته، فسأضحك اذا عادت القناة برأسي إلى موضعها، وتسمعوا قهقهة يسيرة، فعجز أهل السّاحل عن أن يصنعوا مثل ذلك.
ولقد أخبرنا بهذا من لا نتّهمه وهو اليوم متعارف اذ كانت هذه البلاد من الهند تقرب من بلاد العرب، وأخبارها متصلة بهم في كل وقت، ومن شأنهم اذا أخذت السّنّ من رجالهم ونساءهم وضعفت حواسهم أن يطالب من صار في هذه الحال منهم أهله بطرحه في النّار أو تغريقه في الماء ثقة منهم بالرجعة، وسبيل موتاهم الاحراق.
وقد كان بجزيرة سرنديب وبها جبل الجوهر ومغاص اللؤلؤ وغيره، يقدم الرّجل الهندي على دخول السوق ومعه الجربى وهو خنجر لهم عجيب الصنعة مرهف فيضرب بيده إلى أجلّ «٢» تاجر يقدر عليه، ويأخذ بتلابيبه ويشهر الخنجر عليه ويخرجه عن البلد في مجمع من النّاس لا يتهيأ لهم فيه حيلة، وذلك انّه متى أريد انتزاعه منه قتل التّاجر وقتل نفسه، فاذا خرج عن البلد طالبه بالفدية وتبع التّاجر من يفتديه بالمال الكثير، فدام ذلك بهم مدّة من
1 / 80