(يَا مَعْشَرَ بَنِي زَيْدِ مَنَاةَ، إِنَّ نَبِيَّنَا ﵇ قَدْ مَضَى لِسَبِيلِهِ، وَهَذَا أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ ﵁ قَدْ قَامَ بِالأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ، وَقَدْ عَزَمَ عَلَى أَنْ يُوَجِّهَ بِخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ إِلَى مَنِ ارْتَدَّ عَنْ هَذَا الدِّينِ وَمَنَعَ الزَّكَاةَ، وَقَدْ بَلَغَكُمْ مَا كَانَ مِنْ بَنِي آلِ طَيِّءٍ، وَكَيْفَ أَجَابُوهُ إِلَى الْحَقِّ، وَأَدَّوُا الزَّكَاةَ، فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي أَنْفُسِكُمْ، وَلا تَسْفِكُوا دِمَاءَكُمْ، وَلا تَرُدُّوا عَلَيَّ كَلامِي، فَإِنِّي لَكُمْ نَاصِحٌ) .
فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ: (يَا هَذَا، نَحْنُ وَاللَّهِ أَوْلَى بِصَدَقَاتِنَا مِنْ أَبِي بَكْرٍ، وَقَدْ جَمَعْنَاهَا إِلَيْكَ، وَدَفَعْنَاهَا لِتَمْضِيَ بِهَا إِلَى مُحَمَّدٍ ﵌، وَالآنَ قَدْ مَضَى لِسَبِيلِهِ، فَرُدَّ صَدَقَاتِنَا) . فَغَضِبَ الزِّبْرِقَانُ/ بْنُ بَدْرٍ مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: (بِئْسَ مَا ظَنَنْتُمْ يَا بَنِي تَمِيمٍ، إِنِّي أَرُدُّ هَذِهِ [١] الإِبِلَ، لأَنَّنِي إِنَّمَا قَبَضْتُهَا للَّه وَفِي حَقِّ اللَّهِ ﷿، وَالَّذِي وَجَبَتْ عَلَيْكُمْ مِنْ زَكَاةِ أَمْوَالِكُمْ، وَاللَّهِ لا رَدَدْتُهَا عَلَيْكُمْ أَبَدًا، وَلأَمْضِيَنَّ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَاصْنَعُوا مَا بَدَا لَكُمْ) .
قَالَ: ثُمَّ أَنْشَأَ الزِّبْرِقَانُ يَقُولُ [٢]:
(مِنَ الطَّوِيلِ)
١- لَقَدْ عَلِمَتْ قَيْسٌ وخندف [٣] أَنَّنِي ... وَفَيْتُ إِذَا مَا فَارِسُ الْحَرْبِ أَحْجَمَا
٢- أَتَيْتُ الَّتِي قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ أَنَّهَا ... إِذَا ذُكِرَتْ كَانَتْ أَعَفَّ وَأَكْرَمَا
٣- فَزَوَّجْتُهَا مِنْ آلِ حرْقٍ وَأَصْبَحَتْ ... تُثِيرُ بِأَيْدِيهَا الْحَصَى قَدْ تَحَطَّمَا [٤]
_________
[()] صحابي من رؤساء قومه، ولّاه رسول الله ﵌ صدقات قومه فثبت إلى زمن عمر، كان فصيحا شاعرا، كف بصره في آخر عمره، توفي في أيام معاوية سنة ٤٥ هـ-.
(ذيل المذيل ص ٣٢، جمهرة النسب ص ٢٠٨، خزانة الأدب ١/ ٥٣١، طبقات الشعراء ص ٤٧، عيون الأخبار ١/ ٢٢٦، الإصابة ٢/ ٥٥٠- ٥٥٢ الاستيعاب ٢/ ٥٦٠- ٥٦٢، الأعلام ٣/ ٤١) .
[١] في الأصل: (هذا) .
[٢] ورد البيت الأول في: مجاز القرآن ١/ ٣٢٤، وفي الاكتفاء ص ٢١- ٢٢ الأبيات الثلاثة الأولى مع بيتين آخرين.
[٣] في الأصل: (قريش وخندف) ولا يستقيم بها الوزن، والتصويب من مجاز القرآن.
[٤] في الاكتفاء: (الحصى والمحرما) .
1 / 68