سَعِيدٍ [١] يَقْدُمُ عَلَيْكَ مِنَ الْبَحْرَيْنِ، وَاجْمَعْ إِلَيْكَ الْعَسَاكِرَ ثُمَّ ضُمَّهُمْ إِلَى رَجُلٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ أَوْ مِنَ الأَنْصَارِ تَكُونُ قَدْ عَرَفْتَهُ بِالْبَأْسِ [٢] وَالشِّدَّةِ، فَوَجِّهْهُ إِلَى أَعْدَاءِ اللَّهِ الْمُرْتَدَّةِ، فَعَسَى اللَّهُ ﵎ أَنْ يَنْصُرَكَ عَلَيْهِمْ.
فَقَالَ، فَعِنْدَهَا كَتَبَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ بِعُمَانَ، قَدْ كَانَ ولّاه النبي ﵌، قَبْلَ ذَلِكَ، فَلَمَّا وَرَدَ عَلَيْهِ كِتَابُ أَبِي بَكْرٍ ﵁، أَقْبَلَ عَلَى أَهْلِ عُمَانَ فَقَالَ: (يَا هَؤُلاءِ، إِنَّكُمْ قَدْ علمتم أن النبي ﵌ بَعَثَنِي إِلَيْكُمْ عَامِلا وَأَمِيرًا وَدَاعِيًا، فَقَبِلْتُمُ الأَمْرَ وَأَجَبْتُمْ إِلَى الإِسْلامِ، وَكُنْتُمْ عَلَى مَا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ تُوُفِّيَ رسول الله ﵌، وَقَدْ قَامَ بِأُمُورِ الْمُسْلِمِينَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ ﵁، وَمَنْ أَطَاعَ النَّبِيَّ ﵌ حَيًّا، فَيَجِبُ أَنْ يُطِيعَهُ مَيِّتًا، وَقَدْ حَدَثَتْ هَذِهِ الرِّدَّةُ، وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ سَيُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَرُدَّهُمْ إِلَى دِينِ الإِسْلامِ، وَهَذَا كِتَابُهُ أَتَى يَأْمُرُنِي بِالْقُدُومِ عَلَيْهِ، فَمَا الَّذِي عِنْدَكُمْ مِنَ الرَّأْيِ)، فَوَثَبَ إِلَيْهِ أَبُو صُفْرَةَ، وَاسْمُهُ ظَالِمُ بْنُ سَرَّاقٍ [٣]، فَقَالَ: (يَا عَمْرُو، إِنَّا نُطِيعُكَ الْيَوْمَ بِطَاعَةِ أَمْسِ، وَنُطِيعُكَ غَدًا بِطَاعَةِ الْيَوْمَ، وَلا عَصَيْنَا مَنْ أَرْسَلَكَ إِلَيْنَا، وَالسَّلامُ) . قَالَ:
ثُمَّ وَثَبَ إِلَيْهِ عَبَّادُ بْنُ الْجَلَنْدِيِّ [٤]، فَقَالَ: (يَا عَمْرُو، إِنَّ الْخِيَارَ ليس إلينا، ولكن
_________
[١] أبان بن سعيد بن العاص الأموي، صحابي من ذوي الشرف، كان أول الإسلام شديد الخصومة للإسلام والمسلمين، ثم أسلم سنة ٧ هـ-، وبعثه النبي ﵌ عاملا على البحرين فبقي فيها إلى أن توفي النبي فرجع إلى المدينة وأقام فيها إلى أن كانت وقعة أجنادين فحضرها واستشهد بها زمن أبي بكر الصديق سنة ١٣ هـ-، وقيل مات في خلافة عثمان.
(تاريخ الإسلام ١/ ٣٧٨، حسن الصحابة ص ٢٢٠، تهذيب ابن عساكر ٢/ ١٢٤، الإصابة ١/ ١٥- ١٨، الأعلام ١/ ٢٧) .
[٢] في الأصل: (بالناس) وهو تصحيف.
[٣] في الأصل: (أبو سفرة) بالسين، وهو أبو صفرة ظالم بن سارق أو سراق الأزدي العتكي البصري، والد المهلب بن أبي صفرة الأمير المشهور، قدم أبو صفرة على النبي ﵌ فأسلم، وقيل كان أبو صفرة مسلما على عهد النبي ﵌ ولم يفد عليه، ووفد على عمر في عشرة من ولده أصغرهم المهلب، لم تذكر وفاته.
(الإصابة ٧/ ٢٢١- ٢٢٢، الاستيعاب ٤/ ١٦٩٢) .
[٤] عباد بن الجلندي، وقيل عبيد بن الجلندي الأزدي: أخو جيفر بن الجلندي ملك عمان،
1 / 55