ذِكْرُ خُرُوجِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ
قَالَ: ثُمَّ أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ ﵁ عَلَى أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَهُوَ مُعَسْكِرٌ خَارِجَ الْمَدِينَةِ، فَقَالَ لَهُ: امْضِ رَحِمَكَ اللَّهُ لِوَجْهِكَ الَّذِي أمرك به النبي ﵌ وَلا تُقَصِّرْ فِي أُمُورِكَ، وَإِذَا رَأَيْتَ أَنْ تَأْذَنَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِالْمُقَامِ عِنْدِي، فَإِنِّي أَسْتَأْنِسُ بِهِ وَأَسْتَعِينُ بِرَأْيِهِ، قَالَ أُسَامَةُ: قَدْ فَعَلْتُ.
وَسَارَ أُسَامَةُ فِي جَيْشِهِ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَ أَمَرَهُ النَّبِيُّ ﵌ بِالْخُرُوجِ إِلَيْهِ، فَلَمْ يَلْقَ هُنَاكَ أَحَدًا مِنَ الْكُفَّارِ، فَرَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَأَبُو بَكْرٍ ﵁، قَدْ عَزَمَ عَلَى قِتَالِ أَهْلِ الرِّدَّةِ وَالْخُرُوجِ إِلَيْهِمْ بِنَفْسِهِ، وَالْمُسْلِمُونَ يَنْهَوْنَهُ عَنْ ذَلِكَ وَيَقُولُونَ: يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ، نَنْشُدُكَ اللَّهَ أَنْ لا تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ بِنَفْسِكَ، فَقَدْ عَرَفْتَ حَالَ النَّاسِ، فَإِنْ هَلَكْتَ فَهُوَ هَلاكُ الْمُسْلِمِينَ، وَلَكِنِ اكْتُبْ إِلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ [١] وَأَقِمْ أَنْتَ فِي الْمَدِينَةِ، فَلْيَقْدُمْ عَلَيْكَ من عمان، واكتب إلى أبان بن
_________
[١] عمرو بن العاص بن وائل السهمي القرشي، أحد دهاة العرب أولي الرأي والحزم والمكيدة فيهم، كان في الجاهلية من الأشداء على الإسلام، أسلم في هدنة الحديبية، ولّاه النبي ﵌ إمرة جيش ذات السلاسل، ثم استعمله على عمان، وكان من أمراء الجيوش في الشام زمن عمر، وولّاه فلسطين ثم مصر فافتتحها، وعزله عثمان، انضم إلى معاوية في الفتنة فولّاه على مصر، فأطلق له خراجها ست سنين، فجمع أموالا طائلة، توفي في مصر سنة ٤٣ هـ-.
(تاريخ الإسلام- الذهبي ٢/ ٢٣٥- ٢٤٠، المغرب في حلى المغرب قسم مصر ١٣- ١٤، جمهرة أنساب العرب ص ١٥٤، الاستيعاب ٣/ ١١٨٤- ١١٩١، الإصابة ٤/ ٦٥٠- ٦٥٤ الأعلام ٥/ ٧٩) .
1 / 54