============================================================
باب ما چجل به المصر إصرار وصف ثقل الفكرة على القلب فإذا آراد هذا العبد المصر أن يصل إلى ما يجل به إصرار قلبه، ويبعثه على التوبة من ذنوبه، فليعن بطلب الخوف بالتخويف بالفكر في المعاد، وهجوم الموت وعظيم حق الله عز وجل وواجب طاعته، ودوام تضييعه لأمره وركوبه لنهيه .
قلت : الفكرة أجدها على قلبي ثقيلة، فمن أين ثقلت على العباد؟
قال : ثقلت الفكرة على العباد لثلاث خلال : فقد تجتمع على بعضهم فتثقل عليه الفكرة، وقد يثقلها على بعضهم الخلة من هذه الخلال الثلاث أو الخلتان .
فإحداها : قطع راحة القلب عن النظر في الدنيا بالذكر في الآخرة، لأنه إذا تفكر سجن عقله عن الدنيا، فقطعه عن راحته بالفكر في الدنيا ، والنظر في أمورها .ا والخلة الثانية : أن الفكر في المعاد وشدائده تلذيع للنفس، وغم لها حين تذكر المعادا والحساب، وما لها وما عليها، لأن الموحد المقر إذا تفكر في ذلك هاج منه الغم والحزن ، لايمانه بذلك ، فيثقل الفكر على النفس من أجل ذلك ، لأنه يثقل عليها ما أهاج عليها الغموم والأحزان.
والخلة الثالثة : أن النفس والعدو قد علما أن المريد إذا أراد الفكر في معاده أنه اا انا يطلب بالفكر خوفا يقطعه عن كل لذة لاتقرب إلى ربه، ويحمله على كل مكروه يتحمله فيما اوجب عليه.
فالنفس يثقل عليها الفكر إذا علمت أنه إنما يطالب بما يقطع به عنها لذتها أيام حياتها ، ويجملها على ما تكره ويثقل عليها، وقد علم العدو أنه إنما يطالب ما يبطل عنه مكائده، ويدحض حجته، ويخالف محبته؛ فلهذه الخلال الثلاث تقلت على المريدين الفكرة.
Page 65