التضرر بالبرد، وهذا اللازم حقٌّ، وقد سلك هذا طوائفُ من المفتين والمشايخ والأمراء وغيرهم. لكن من المعلوم أن الصواب الذي أُمِرْنا به اتباعُ النصوص، وأن لا نردَّها بما نراه من مصلحةٍ أو مفسدةٍ. ولهذا اتفقَ أئمة العلماء على تيمم الجنب لدلالة الكتاب والسنة على ذلك في عدة أحاديث، كحديث عمار وعمران بن حصين، وهما في الصحيحين (^١)، وعمرو بن العاصي (^٢) وصاحب الشجَّة (^٣)، وهي أحاديث جيدة، ولم يَرَوا أن يتركوا ذلك لما يُخاف (^٤) من المفسدة، بل يُميَّز بين المأمور به والمنهي عنه.
ثم التيمم مشروع عند عدم الماء وعند خشية الضرر باستعماله كما في القرآن، فحديث عمار ونحوه للعادم، وحديث صاحب الشجَّة وعمرو للمتضرر بمرضٍ أو خوفِ مرض. فتأخير الصلاةِ مع الجنابة حتى يجد الماءَ قد نهى عنه النبي ﷺ في غير حديثٍ، وكذلك اغتسال المريض، وقد قال في صاحب الشجَّة: "قَتَلوه قتَلَهم الله، هلَّا سألوا إذا لم يعلموا، فإنما شِفاء العِيِّ السُّؤال".
ومع هذا فقد تأوَّل خلافَ ذلك من كان من أعيان الصحابة في حياةِ النبي ﷺ وبعد وفاته، وأن الجنب لا يصلِّي، وأنه يغتسل مع ضرورة.
وكذلك كان أبو هريرة يُحدِّثُ بأحاديثَ فيُنكِرها بعضُهم، ثم