وما دمنا قَدْ تكلمنا بإسهاب عن حديث الزهري متصلًا ومنقطعًا، وذكرنا طرقه وشواهده، وبيّنا ما يكمن فيها من ضعف وخلل، فسأتكلم عن أثر هذا الحديث في اختلاف الفقهاء، فأقول: من شَرَعَ في صوم تطوع، أو صلاة تطوع ولم يتم نفله، هل يجب عليه القضاء أم لا؟
اختلف الفقهاء في ذلك على ثلاثة أقوال:
القول الأول:
ذهب بعض العلماء إلى أن النفل يجب على المكلف بالشروع فيه، فإذا أبطل وجب عليه قضاؤه صومًا كان أم صلاةً أم غيرهما.
وهو مروي عن: ابن عباس (١)، وإبراهيم النخعي (٢)، والحسن البصري (٣)، وأنس (٤) بن سيرين (٥)، وعطاء (٦)، ومجاهد (٧)، والثوري (٨)، وأبي ثور (٩) .
وهو مذهب الحنفية (١٠)، والمالكية (١١)، والظاهرية (١٢) .
والحجة لهذا المذهب:
(١) المصنف، لابن أبي شيبة (٩٠٩٤)، والسنن الكبرى، للبيهقي ٤/٢٨١.
(٢) المصنف لعبد الرزاق (٧٧٨٨) .
(٣) المصنف لعبد الرزاق (٧٧٨٩)، والمصنف، لابن أبي شيبة (٩٠٩٦) .
(٤) هُوَ أنس بن سيرين الأنصاري، أبو موسى، وَقِيْلَ: أبو حمزة، وَقِيْلَ أبو عَبْد الله البصري: ثقة، توفي سنة (١١٨ هـ) .
الثقات ٨/٤٨، وتهذيب الكمال ١/٢٨٧ (٥٥٧)، والتقريب (٥٦٣) .
(٥) المصنف، لابن أبي شيبة (٩٠٩٣) .
(٦) المصنف، لابن أبي شيبة (٩٠٩٧) .
(٧) المصنف، لابن أبي شيبة (٩٠٩٧) .
(٨) الاستذكار ٣/٢٣٨، إلا أنه قال بالاستحباب لا الوجوب.
(٩) الاستذكار ٣/٢٣٨، والتمهيد ١٢/٧٢.
(١٠) بدائع الصنائع ٢/١٠٢، وحاشية رد المحتار ٢/٤٣٠، وتبيين الحقائق ١/٣٣٧، والاختيار ١/١٣٥.
(١١) الموطأ (٨٤٩) و(٨٥٠) رواية الليثي، وبداية المجتهد ١/٢٢٧، والقوانين الفقهية: ١٢٠، وأسهل المدارك ١/٤٣١، وشرح منح الجليل ١/٤٠٠.
(١٢) المحلى ٦/٢٦٨.
1 / 177