Reminder for Parents and Entertainment for Children
تذكره الآباء وتسليه الأبناء = الدراري في ذكر الزراري
Investigator
علاء عبد الوهاب محمد
Publisher
دار السلام
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٠٤ هـ - ١٩٨٤ م
Publisher Location
دار الهداية
Genres
الدراري في ذكر الذراري
الباب الأول في اكتساب الأولاد والحث عليه
قال النبي (: "تناسلوا تكثروا فإني أباهي بكم الأمم يوم القيامة" وقال ﵊: "إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه ألا وإن ولده من كسبه" وقال عمر ﵁: (إني لأكره نفسي على الجماع رجاء أن يخرج الله نسمة تسبحه وتذكره) . وقال: (تكثروا من العيال فإنكم لا تدرون ممن ترزقون) .
وذهب أبو حنيفة ﵁ إلى أن الاشتغال بالنكاح أفضل
1 / 15
من التخلي لنفل العبادة من حيث أنه يفضي إلى الولد الذي به بقاء العالم إلى الأمد الموعود، وعود مصلحة الولد إلى الوالد حيًا وميتًا بنصره لوالده في حال حياته، والنفقة عليه على تقدير الحاجة إليه وإمداده إياه بأنواع الثواب بعد وفاته من الدعاء والصدقة والترحم عليه بسببه.
ولعمري إن التسبب في إيجاد مثل مولانا السلطان الذي نشر العلوم في أيامه، وأحيا الفقراء والمساكين بجوده وإنعامه، وحبب العلماء إلى الناس بما ظهر لهم من لطفه بهم وإكرامه، أفضل عند الله تعالى من صلاة الدهر نفلًا وصيامه.
ولو شاهد أبو حنيفة ﵁ عصره وزمانه، ورأى بره للرعية وإحسانه، لجعله دليله في المسألة وبرهانه، ولسلم له الخصم ما نازعه فيه، فمثل هذا الدليل في إبانة الحجة يكفيه.
دخل عثمان بن عفان ﵁ على ابنته وهي عند عبد الله ابن خالد بن أسيد فرآها مهزولة فقال: لعل بعلك يغيرك، قالت: لا. فقال لزوجها: لعلك تغيرها، قال: لا. قال: فافعل فلغلام
1 / 16
يزيده الله في بني أمية أحب إلي منها.
قال أرسطاطاليس: لما كان البقاء مما استأثر به القديم جل ذكره لجلالته وعلو قدره وكان محبوبًا إلى النفوس كلها ناطقها وصامتها، ولما لم يمكن الحيوان البقاء بشخصه أحب البقاء بنوعه فأوجد المثل. قال الله ﷿ في كتابه الكريم فيما يحكي عن زكريا ﵇ ودعائه في الولد: (وزكريا إذ نادى ربه رب لا تذرني فردًا وأنت خير الوارثين (يعني: لا تذرني وحيدًا لا ولد لي.
وقالت أعرابية تتمنى ولدًا:
يا حسرتا على ولد ... أشبه شيء بالأسد
إذا الرجال في كبد ... تغالبوا على نكد
كان له حظ الأشد
1 / 17
الباب الثاني في المنع من اكتسابهم والتحذير منهم
قال الله ﷿: (إن من أزواجكم وأولادكم عدوًا لكم فاحذروهم (وقال النبي (: "لا يكن أكثر شغلك بأهلك وولدك، فإن يكن أهلك وولدك أولياء الله لا يضيع أولياءه، وإن يكونوا أعداء الله فاهمك وشغلك بأعداء الله".
وعن ابن مسعود ﵁ قال: قال رسول الله (: "ليأتين على الناس زمان لا يسلم لذي دين دينه حتى يفر به من شاهق إلى شاهق ومن جحر إلى جحر كالثعلب الذي يروغ" قالوا: ومتى ذلك يا رسول الله؟ قال: "إذا لم تنل المعيشة إلا بمعاصي الله ﷿ فعند ذلك حلت العزوبة" قالوا: يا رسول الله أليس أمرتنا بالتزويج! قال: "بلى، ولكن إذا كان في ذلك الزمان كان هلاك الرجل على يد أبويه، فإن لم يكن له أبوان فعلى يدي زوجته
1 / 18
وولده، فإن لم يكن له زوجة ولا ولد فعلى يدي قرابته وجيرانه" قالوا: وكيف ذلك يا رسول الله؟ قال: "يعيرونه بضيق المعيشة ويكلفونه ما لا يطيق فيوردونه موارد الهلكة".
قيل لعيسى ﵇: هل لك في الولد؟ فقال: (ما حاجتي إلى من إن عاش كدني وإن مات هدني) .
وسئل فيلسوف: لم لا تطلب الولد؟ فقال: من محبتي للولد. وقيل لآخر: لو تزوجت فكان لك ولد تذكر به، فقال: والله ما رضيت الدنيا لنفسي فأرضاها لغيري. وقيل لبعض الأعراب: لم لا تتزوج؟ فقال: مكابدة العزوبية أصلح من الاحتيال لمصلحة العيال. وقيل لأعرابي: لم أخرت التزويج إلى الكبر؟ فقال: لأبادر ولدي باليتم قبل أن يسبقني بالعقوق.
1 / 19
قال المتنبي:
وما الولد المحبوب إلا تعلة ... ولا الزوجة الحسناء إلا أذى البعل
وما الدهر أهلًا أن تؤمل عنده ... حياة وأن يشتاق فيه إلى النسل
1 / 20
الباب الثالث في مدح الأولاد وذكر النعمة بهم
قال الله تعالى: (المال والبنون زينة الحياة الدنيا (وقال (: "الولد ثمرة القلوب" وقال ﵊: "الولد ريحان من الجنة" وقال ﵊: "البنات حسنات والبنون نعم والنعم مسؤول عنها".
وقال الفضيل: ريح الولد من الجنة. وكان يقال: ابنك
1 / 21
ريحانتك سبعًا ثم عدو أو صديق. قال الحجاج لابن القربة: أي الثمار أشهى؟ فال: الولد، وهو من نخل الجنة.
غضب معاوية على يزيد ابنه فهجره، فقال له الأحنف: يا
1 / 22
أمير المؤمنين أولادنا ثمار قلوبنا وعماد ظهورنا، ونحن لهم سماء ظليلة، وأرض ذليلة، وبهم نصول على كل جليلة، إن غضبوا فأرضهم وإن سألوك فأعطهم، وإن لم يسألوك فابتدئهم، ولا تنظر إليهم شزرًا فيملوا حياتك ويتمنوا وفاتك، فقال معاوية: يا غلام ائت يزيد فأقرئه السلام واحمل إليه بمائتي ألف ومائتي ثوب، فقال يزيد: من عند أمير المؤمنين؟ قال: الأحنف، قال: علي به، فقال: يا أبا بحر، كيف كانت القصة، فحكاها، فقال: أما أنا فسأعلي سمكها، وشاطره الصلة.
وقالت أعرابية ترقص ابنها:
يا حبذا ريح الولد ... ريح الخزامى في البلد
أهكذا كل ولد ... أم لم يلد قبلي أحد
أنشد أبو تمام حبيب بن أوس الطائي:
1 / 23
وإنما أولادنا بيننا ... أكبادنا تمشي على الأرض
لو هبت الريح على بعضهم ... لامتنعت عيني من الغمض
وقال الشاعر:
من كان ذا عضدٍ يدرك ظلامته ... إن الذليل الذي ليست له عضد
تنبو يداه إذا ما قل ناصره ... وتأنف الضيم إن أثرى له ولد
1 / 24
الباب الرابع في ذمهم وما يلحق الآباء من النصب بسببهم
قال الله ﷿: (إن من أزواجكم وأولادكم عدوًا لكم (وقال النبي (: "الولد مبخلة مجبنة مجهلة" ويروى "محزنة". وقال ﵇ لولد فاطمة ﵂: "إنكم لتجبنون وإنكم لتبخلون وإنكم لمن ريحان الجنة". وقال ﵇: "من
1 / 25
علامات الساعة أن يكون الولد غيظًا، والمطر قيظًا، وتفيض الأشرار فيضًا"ويقال: الولد إن عاش كدك وإن مات هدك. وقيل: إذا صلح قميص الوالد لولده تمنى موته. ومن كلام الجاهلية: ابنك يأكلك صغيرًا ويرثك كبيرًا، وابنتك تأكل من وعائلك وترث في أعدائك، وابن عمك عدوك وعدو عدوك، وزوجتك إذا قلت لها قومي قامت. قيل لإنسان: إن فلانًا تزوج، فقال: ركب البحر، فقيل: وقد جاءه ولد، فقال: وكسر به المركب. قال رجل لعمر بن الخطاب ﵁: خدمك بنوك، فقال: بل أغناني الله عنهم.
1 / 26
لما قبض ابن عيينة صلة الخليفة قال لأصحابه: قد وجدتم مقالًا فقولوا: متى رأيتم أبا عيال أفلح، كانت لنا هرة ليس لها جراء، فكشفت عن القدور وعاثت في الدور.
نظر عمر ﵁ إلى رجل يحمل ابنًا له على عاتقه فقال: ما هذا منك؟ قال: ابني، قال: أما إنه إن عاش فتنك وإن مات حزنك. قال الحسن: إذا أراد الله بعبدٍ خيرًا لم يشغله في دنياه بأهل ولا ولد. رأى ضرار ابن عمرو الضبي من ولده ثلاثة عشر ذكرًا فقال: من سره بنوه ساءته نفسه. قال زيد بن علي لابنه: يا بني إن الله لم يرضك لي فأوصاك بي ورضيني لك فحذرنيك.
1 / 27
ولد للحسن غلام فهنئ به فقال: الحمد لله على كل حسنة، ونسأل الله الزيادة في كل نعمة، ولا مرحبا بمن إن كنت عائلًا أنصبني، وغن كنت غنيًا أذهلني، لا أرضى بسعيي له سعيًا، ولا بكدي له في الحياة كدًا: حتى أشفق له من الفاقة بعد وفاتي وأنا في حال لا يصل إلي من غمه حزن ولا فرحه سرور.
1 / 28
الباب الخامس في ذكر النجياء من الأولاد
قال رسول الله (: "من سعادة الرجل أن يشبه أباه".
وقال بعض الحكماء: الحياء في الصبي خيرٌ من الخوف: لأن الحياء يدل على العقل والخوف يدل على الجبن. قال ابن عباسٍ ﵀: عرامة الصبي زيادة في عقله. وقالت ماوية بنت النعمان بن كعب لزوجها لؤي بن غالب: أي أولادك أحب إليك؟ قال: الذي لا يرد بسطة يده بخل ولا يلوي لسانه عي ولا يغير طبعه سفه، يعني
1 / 29
كعب بن لؤي سئل أعرابي من بني عبس عن أولاده فقال: ابن قد كهل وابن قد رفل وابن قد نسل وابن قد مثل وابن قد فضل.
سئلت أعرابية عن ابنها فقالت: أنفع من غيث وأشجع من ليث: يحمي العشيرة ويبيح الذخيرة ويحسن السريرة.
وقد تبين نجابة الصبي باختياراته لمعالي الأمور، فإن الصبيان قد يجتمعون للعب فيقول عالي الهمة: من يكون معي، ويقول القاصر الهمة: مع من أكون! قال أحمد بن النضر الهلالي: سمعت أبي يقول: كنت في مجلس سفيان ابن عيينة فنظروا إلى صبي دخل المسجد فتهاونوا به لصغر سنه فقال سفيان: كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم، ثم قال: يا نضر لو رأيتني ولي عشر سنين طولي خمسة أشبار، ووجهي كالدينار، وأنا كشعلة نار، ثيابي صغار، وأكمامي قصار، وذيلي بمقدار، ونعلي كآذان الفار، أختلف إلى علماء الأمصار، مثل
1 / 30
الزهري وعمرو بن دينار، أجلس بينهم كالمسمار، محبرتي كالجوزة، ومقلمتي كالموزة، وقلمي كاللوزة، فإذا دخلت المجلس قالوا أوسعوا للشيخ الصغير، ثم تبسم ابن عيينة وضحك.
1 / 31
وعن الكسائي أنه دخل على الرشيد فأمر بإحضار الأمين
1 / 32
والمأمون، قال: فلم ألبث أن أقبلا ككوكبي أفق يزينهما هديهما ووقاهما، قد غضا أبصارهما وقاربا خطوهما حتى وقفا على مجلسه فسلما عليه بالخلافة ودعوا له بأحسن الدعاء، فاستدناهما فأجلس محمدًا عن يمينه وعبد الله عن شماله، ثم أمرني أن ألقي عليهما أبوابًا من النحو، فما سألتهما عن شيء إلا أحسنا الجواب عنه، فسره سرورًا استبنته فيه، وقال لي: كيف تراهما؟ فقلت:
أرى قمري أفق وفرعي بشامة ... يزينهما عرق كريم ومحتد
سليلي أمير المؤمنين وحائزي ... مواريث ما أبقى النبي محمد
يسدان أنفاق النفاق بشيمة ... يؤيدها حزم وغضبٌ مهند
ثم قلت: ما رأيت أعز الله أمير المؤمنين أحدًا من أبناء الخلافة ومعدن الرسالة وأغصان هذه الشجرة الزكية أذرب منهما ألسنًا ولا
1 / 33
أحسن ألفاظًا ولا أشد اقتدارًا على تأدية ما حفظا ورويا منهما، أسأل الله أن يزيد بهما الإسلام تأييدًا وعزًا ويدخل بهما على أهل الشرك ذلًا وقمعًا، وأمن الرشيد على دعائي ثم ضمهما إليه وجمع عليهما يديه فلم يبسطهما حتى رأيت الدموع تنحدر على صدره.
أقام المنصور ذات يوم ابنه صالحًا فتكلم بكلام بليغ وفي المجلس المهدي وهو ولي عهده، فأشار المنصور إلى الحاضرين بأن يصف أحد كلامه، فكلهم كره ذلك بسبب المهدي، فابتدر شبيب بن شبة وقال: والله يا أمير المؤمنين ما رأيت كاليوم أبين بيانًا ولا أجرى لسانًا ولا أرطب جنانًا ولا أبل ريقًا ولا أحسن طريقًا ولا أغمض عروقًا،
1 / 34