Naqḍ al-Dārmī ʿalā al-Marīsī - taḥqīq al-Shawwāmī
نقض الدارمي على المريسي - ت الشوامي
Editor
أَبوُ عَاصِم الشَّوَامِيُّ الأَثرِي
Publisher
المكتبة الإسلامية للنشر والتوزيع
Edition
الأولى
Publication Year
١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م
Publisher Location
القاهرة - مصر
Genres
وَوَقْتًا، وَلَيْسَ لِأَزَلِيَّةِ اللهِ حَدٌّ وَلَا وَقْتٌ، لَمْ يَزَلْ وَلَا يَزَالُ، وَكَذَلِكَ أَسْمَاؤُهُ لَمْ تَزَلْ وَلَا تَزَالُ.
ثُمَّ احْتَجَّ المُعَارِضُ لِتَرْوِيجِ مَذْهَبِهِ هذا بِأَقْبَحِ قِيَاسٍ؛ فَقَالَ: أَرَأَيْتَ لَوْ كَتَبْتَ اسْمًا فِي رُقْعَةٍ ثُمَّ احْتَرَقَتِ الرُّقْعَةُ، أَلَيْسَ إِنَّمَا تَحْتَرِقُ الرُّقْعَةُ وَلَا تَضُرُّ النَّارُ الاسْمَ شَيْئًا؟ فَيُقَالُ لِهَذَا التَّائِهِ الَّذِي لَا يَدْرِي مَا يَخْرُجُ من رَأسه:
إِنَّ الرُّقْعَةَ وَكِتَابَةَ الِاسْمِ لَيْسَ كَنَفْسِ الِاسْمِ، إِذَا احْتَرَقَتِ الرُّقْعَةُ احْتَرَقَ الخَطُّ وَبَقِيَ اسْمُ اللهِ لَهُ وَعَلَى لِسَانِ الكَاتِبِ، كَمَا لَمْ يَزَلْ قَبْلَ أَنْ يُكْتَبَ، لَمْ تُنْقِصِ النَّارُ مِنَ الِاسْمِ وَلَا مِمَّنْ لَهُ الِاسْمُ شَيْئًا. وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ أَسْمَاءُ المَخْلُوقِينَ، لَمْ تُنْقِصِ النَّارُ مِنْ أَسْمَائِهِمْ وَلَا مِنْ أَجْسَامِهِمْ شَيْئًا. وَكَذَلِكَ لَوْ كَتَبْتَ «الله» بِهِجَائِهِ فِي رُقْعَةٍ لَاحْتَرَقَتِ الرُّقْعَةُ وَكَانَ اللهُ بِكَمَالِهِ عَلَى عَرْشِهِ. وَكَذَلِكَ لَوْ صُوِّرَ رَجُلٌ فِي رُقْعَةٍ، ثُمَّ ألقِيَتْ فِي النَّارِ، لَاحْتَرَقَتِ الرُّقْعَةُ، وَلَمْ تُضَرُّ الصُّورَةُ (١) شَيْئًا.
وَكَذَلِكَ القُرْآنُ، لَوِ احْتَرَقَتِ المَصَاحِفُ كُلُّهَا لَمْ يَنْقُصْ مِنْ نَفْسِ القُرْآنِ حَرْفٌ وَاحِدٌ، وَكَذَلِكَ لَوِ احْتَرَقَتِ القَرَأَةُ كُلُّهُمْ، أَوْ قُتِلُوا، أَوْ مَاتُوا، لَبَقِيَ القُرْآنُ بِكَمَالِهِ كَمَا كَانَ، لَمْ يُنْتَقَصْ مِنْهُ حَرْفٌ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْهُ بَدَأَ، وَإِلَيْهِ يَعُودُ عِنْدَ فَنَاءِ الخَلْقِ بِكَمَالِهِ غَيْر مَنْقُوصٍ.
وَقَدْ كَانَ لِإِمَامِهِ المَرِيسِيِّ فِي أَسْمَاءِ اللهِ مَذْهَبٌ كَمَذْهَبِهِ فِي القُرْآنِ.
كَانَ القُرْآنُ عِنْدَهُ مَخْلُوقًا مِنْ قَوْلِ البَشَرِ، لَمْ يَتَكَلَّمِ اللهُ بِحَرْفٍ مِنْهُ فِي دَعْوَاهُ، وَكَذَلِكَ أَسْمَاءُ اللهِ عِنْدَهُ مِنَ ابْتِدَاعِ البَشَرِ مِنْ غير أَن يَقُول الله: ﴿إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٣٠)﴾ [القصص: ٣٠] بِزَعْمِهِ قَطُّ.
(١) المقصود بالصورة ها هنا: صورة الرجل الحقيقية، وبذلك يستقيم المعنى.
1 / 50