287

Naqḍ al-Dārmī ʿalā al-Marīsī - taḥqīq al-Shawwāmī

نقض الدارمي على المريسي - ت الشوامي

Editor

أَبوُ عَاصِم الشَّوَامِيُّ الأَثرِي

Publisher

المكتبة الإسلامية للنشر والتوزيع

Edition

الأولى

Publication Year

١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م

Publisher Location

القاهرة - مصر

Genres

وَذَكَرَ المُعَارِضُ أَيْضًا عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ الأَعْرَجِ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: «يَقُولُ دَاوُدُ يَوْمَ القِيَامَةِ: ادْنِنِي، فَيُقَالُ لَهُ: ادْنُهْ، فَيَدْنُوَ حَتَّى يَمَسَّ رُكْبَتَهُ» (١).
فَادَّعَى المُعَارِضُ أَنَّ تَأْوِيلَهُ: أَنَّهُ يُدْنِيهِ إِلَى خَلْقٍ من خَلْقِهِ، ذِي رُكْبَةٍ حَتَّى تمَسَّ رُكْبَةُ دَاوُدَ رُكْبَةَ ذَلِكَ، قَالَ: وَيَحْتَمِلُ أيضًا أَنْ يَتَقَرَّبَ إِلَيْهِ بِالعَمَلِ الصَّالِحِ.
فَلَوْ كَانَ لِهَذَا المُعَارِضِ مَنْ يَقْطَعُ لِسَانَهُ كَانَ قَدْ نَصَحَهُ!
وَيْلَكَ! أَيُّ زِنْدِيقٍ تَرْوِي عَنْهُ هَذِهِ التَّفَاسِيرَ وَلَا تُسَمِّهِ؟ وَأَيُّ دَرَكٍ لِدَاوُدَ إِذَا اسْتَغْفَرَ اللهَ لِذَنْبِهِ، وَلَجَأَ إِلَيْهِ وَاسْتَعَاذَ بِهِ فِي أَنْ يُدْنِيَهُ إِلَى خَلْقٍ سِوَاهُ، فَيَمَسَّ رُكْبَتَهُ، وَمَا يُجْزِئُ عَنْ دَاوُدَ رُكْبَةُ ذَلِكَ المَخْلُوقِ الَّذِي إِذَا مَسَّ دَاوُدُ النَّبِيُّ رُكْبَتَهُ غَفَرَ ذَنْبَهُ، وَآمَنَ رَوْعَتَهُ، إِنَّ ذَلِكَ خَلْقٌ كَرِيمٌ عَلَى رَبِّهِ أَكْرَمُ مِنْ دَاوُدَ، وَمِنْ جَمِيعِ الأَنْبِيَاءِ فِي دَعْوَاكَ، إِذْ جَعَلَهُ مَفْزَعًا لِلْأَنْبِيَاءِ وَمُعَوَّلًا عَلَيْهِ فِي ذُنُوبِهِمْ، يَحْكُمُ عَلَى الله فِي مَغْفِرَتِهِ، فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ يَوْمَ القِيَامَة دون الله!!
ولابُدَّ لِمِثْلِ هَذَا الخَلْقِ أَنْ يَكُونَ سَبَقَ لَهُ مِنَ الله اسْمٌ فِي المَلَائِكَةِ أَوْ فِي النَّبِيِّينَ، فَمَا اسْمُهُ أَيُّهَا الجَاهِلُ؟ لَوْ تَكَلَّمَ بِهَذَا شَيْطَانٌ أَوْ مُدْمِنُ خَمْرٍ سَكْرَانَ، مَا زَادَ عَلَيْكَ جَهْلًا [٥٤/ظ] فَكيف إِنْسَان!
وَأَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُكَ: إِنَّهُ يتقرَّب إِلَيْهِ يَوْمَئِذٍ بِالعَمَلِ الصَّالِحِ لَا بِالدُّنُو مِنْهُ، أوَ لم تَعْلَمْ أَيُّهَا المُعَارِضُ أَنَّ يَوْمَ القِيَامَةِ لَيْسَ بِيَوْمِ عَمَلٍ، إِنَّمَا هُوَ يَوْمُ جَزَاءٍ لِلْأَعْمَالِ الَّتِي يُتَقَرَّبُ بِهَا إِلَى الله فِي الدُّنْيَا؟ فَكَيْفَ رَفَعَ الله العَمَلَ يَوْمَئِذٍ عَنْ جَمِيعِ المُسْلِمِينَ وَأَوْجَبَهُ عَلَى دَاوُدَ؟

(١) أخرجه عبد الله بن أحمد في السنة (١١٦٢)، (١١٨١)، وأبو نعيم في الحلية (٣/ ٢٧٤)، وابن أبي الدنيا في التوبة (٣٨)، من طريق سفيان، عن حميد، عن مجاهد، عن عبيد بن عمير في تفسير قوله تعالى: ﴿وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ (٢٥)﴾ [ص: ٢٥].دون ذكر الركبة.

1 / 289