226

Naqḍ al-Dārmī ʿalā al-Marīsī - taḥqīq al-Shawwāmī

نقض الدارمي على المريسي - ت الشوامي

Editor

أَبوُ عَاصِم الشَّوَامِيُّ الأَثرِي

Publisher

المكتبة الإسلامية للنشر والتوزيع

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م

Publisher Location

القاهرة - مصر

Genres

وَنُظَرَائِهِمْ.
فَكَيْفَ أَقَمْتَ أَقَاوِيلَ هَؤُلَاءِ المُتَّهَمِينَ لِنَفْسِكَ أَثَرًا، وَلَا تُقِيمُ، [٤١/و] أَقَاوِيلَ هَؤُلَاءِ المُتَمَيِّزِينَ لَنَا أَثَرًا؟ مَعَ أَنَّ أبا يُوسُفَ إِنْ قَالَ: «لَيْسَتْ أَقَاوِيلُ التَّابِعِينَ بِأَثَرٍ»؛ فَقَدْ أَخْطَأَ.
إِنَّمَا يُقَالُ: لَيْسَ اخْتِلَافُ التَّابِعِينَ سُنَّةً لَازِمَةً، كَسُنَنِ النَّبِيِّ ﷺ وَأَصْحَابِهِ. فَأَمَّا أَنْ لَا يَكُونَ أَثَرًا، فَإِنَّهُ أَثَرٌ لَا شَكَّ فِيهِ، وَأَقَاوِيلُهُمْ ألزَمُ لِلنَّاسِ مِنْ أَقَاوِيلِ أَبِي يُوسُفَ وَأَصْحَابِهِ؛ لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى أَثْنَى عَلَى التَّابِعِينَ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ: ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ ﵃﴾ [التوبة: ١٠٠] فَشهد بِاتِّبَاع الصَّحَابَةِ، وَاسْتِيجَابِ الرُّضْوَانِ مِنَ الله تَعَالَى بِاتِّبَاعِهِمْ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ ﷺ.
وَاجْتَمَعَتِ الكَلِمَةُ مِنْ جَمِيعِ المُسْلِمِينَ أَنْ سَمَّوْهُمُ التَّابِعِينَ، وَلَمْ يَزَالُوا يَأْثُرُونَ عَنْهُمْ بِالأَسَانِيدِ كَمَا يَأْثُرُونَ عَنِ الصَّحَابَةِ، وَيَحْتَجُّونَ بِهِمْ فِي أَمْرِ دِينِهِمْ وَيَرَوْنَ آرَاءَهُمْ ألزَمَ لهم مِنْ آرَاءِ مَنْ بَعْدَهُمْ، لِلِاسْم الذِي اسْتَحَقُّوا مِنَ اللهِ تَعَالَى، ومِنْ جَمَاعَةِ المُسْلِمِينَ الذِينَ سَمُّوهُم تَابِعِي أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ ﷺ.
حَتَّى لَقَدْ قَالَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ لِلْحَسَنِ البَصْرِيِّ: «وَلَا تُفْتِ النَّاسَ بِرَأْيِكَ» فَقَالَ: «رَأْيُنَا لَهُمْ خَيْرٌ مِنْ آرَائِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ» (١).
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ مَا رُوِيَ عَن التَّابِعين أَثَرًا، فَبِئْسَ مَا أَثْنَى عَلَى زَعِيمِهِ وَإِمَامِهِ أَبِي حَنِيفَةَ، إِذْ يَشْهَدُ عَلَيْهِ أَنَّ عَامَّةَ فُتْيَاهُ بِغَيْرِ أَثَرٍ؛ لِأَنَّ عِظَمَ مَا أَفْتَى وَأَخَذَ بِهِ أَبُو حَنِيفَةَ، مِمَّا رَوَاهُ عَن حَمَّادٌ عَنْ إِبْرَاهِيمَ، وَكَانَ مِنْ أَتْبَاعِ التَّابِعِينَ فَقَدْ شَهِدَ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ كَانَ يُفْتِي بِغَيْرِ أَثَرٍ، وَعَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ تَبِعَهُ فِي فُتْيَاهُ مِنْ

(١) أخرج هذا الكلام ابن سعد في الطبقات (٩/ ١٦٦)، بإسناد صحيح.

1 / 228