Naqḍ al-Dārmī ʿalā al-Marīsī - taḥqīq al-Shawwāmī
نقض الدارمي على المريسي - ت الشوامي
Investigator
أَبوُ عَاصِم الشَّوَامِيُّ الأَثرِي
Publisher
المكتبة الإسلامية للنشر والتوزيع
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م
Publisher Location
القاهرة - مصر
Genres
وَادَّعَيْتَ أَيْضًا عَلَى قَوْمٍ أَعْلَمَ بِالله وَبِكِتَابِهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ ﷺ مِنْكَ وَمِنْ أَصْحَابِكَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: عِلْمُ الله غَيْرُهُ، وَالعِلْمُ بِمَعْزِلٍ مِنْهُ، العَالِمُ فِي السَّمَاء وَالعِلْم فِي الأرض مِنْهُ بِمَعْزِلٍ.
فَيُقَالُ لِهَذَا المُعَارِضِ البَاهِتِ: مِثْلُ هَذَا لَا يَتَفَوَّهُ بِهِ إِلَّا جَاهِلٌ مِثْلُكَ، وَلَكِنَّهُمْ يَقُولُونَهُ عَلَى مَعْنًى لَا يَتَوَجَّهُ لَهُ أَمْثَالُكَ، يَقُولُونَ: العَالِمُ بِكَمَالِهِ وَبِجَمِيع عِلْمِهِ فَوقَ عَرْشه، وَعِلْمُهُ غَيْرُ بَائِنٍ مِنْهُ، يَعْلَمُ بِعِلْمِهِ الَّذِي فِي نَفْسِهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَمَا تَحْتَ الثَّرَى، عَلَى بُعْدِ مَسَافَةِ مَا بَيْنَهُنَّ، فَمَعْنَى قَوْلِهِمْ: إِنَّ عِلْمَهُ فِي الأَرْضِ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ، لَا عَلَى مَا ادَّعَيْتَ عَلَيْهِمْ مِنَ الزُّورِ، أَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ عِلْمَ الله مَنْزُوعٌ مِنْهُ مُجَسَّمٌ فِي الأَرْضِ، إِذًا هُمْ فِي الجَهْلِ وَالضَّلَالِ مِثْلُكَ وَمِثْلُ أَئِمَّتِكَ المَرِيسِيِّ وَابْنِ الثَّلْجِيِّ وَنُظَرَائِهِمْ.
وَادَّعَيْتَ عَلَيْهِمْ أَيْضًا أَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ كَلَامَ الله مِنْ صِفَاتِهِ وَذَاتِهِ وَالكَلَامُ هُوَ الفِعْلُ بِزَعْمِكَ، وَزَعْمِ هَؤُلَاءِ أَنَّهُ مِنَ الذَّاتِ.
فَيُقَالُ لِهَذَا المُعَارِضِ: أَمَّا مَا يَزْعُمُ هَؤُلَاءِ مِنْ ذَلِكَ فَسَنُبَيِّنُهُ لَكَ، وَإِنْ جَهِلْتَ، غَيْرَ أَنَّكَ تَرَدَّدْتَ وَرَاوَغْتَ وَوَالَسْتَ وَدَالَسْتَ، تُقَدِّمُ رِجْلًا وَتُؤَخِّرُ أُخْرَى، كَيْفَ تُصَرِّحُ بِالقُرْآنِ أَنَّهُ مَخْلُوقٌ؟ فَلَمْ تَزَلْ عَنْكَ وَدُونَكَ تَلَجْلَجُ بِهَا فِي صَدْرِكَ، حَتَّى صَرَختَ [٣٠/ظ] بِهَا فِي هَذِهِ المَسْأَلَةِ فَزَعَمْتَ أَنَّهُ فِعْلٌ، وَالفِعْلُ عِنْدَكَ مَخْلُوقٌ وَلَا شَكَّ فِيهِ.
وَأَمَّا دَعْوَاكَ عَلَيْنَا أَنَّا نَقُولُ: إِنَّ كَلَامَ الله مِنْ صِفَاتِهِ، فَإِنَّا نَقُولُ عَلَانِيَةً غَيْرَ سِرٍّ، وَهُوَ الحَقُّ المُبِينُ، وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ صِفَاتِهِ مَخْلُوقًا، وَكُلُّ كَلَامٍ صِفَةُ كُلِّ مُتَكَلِّمٍ بِهِ، خَالِقٍ أَوْ مَخْلُوقٍ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُقَاسُ بِهِ مِنَ الخَالِقِ وَالمَخْلُوقِ سَائِرُ الصِّفَاتِ، مِنَ اليَدِ وَالوَجْهِ وَالنَّفْسِ وَالسَّمْعِ وَالبَصَرِ، وَمَا أَشْبَهَهَا مِنَ الصِّفَاتِ
1 / 183