Naqḍ al-Dārmī ʿalā al-Marīsī - taḥqīq al-Shawwāmī
نقض الدارمي على المريسي - ت الشوامي
Editor
أَبوُ عَاصِم الشَّوَامِيُّ الأَثرِي
Publisher
المكتبة الإسلامية للنشر والتوزيع
Edition
الأولى
Publication Year
١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م
Publisher Location
القاهرة - مصر
Genres
وَكَيف تَدَّعِي أَنَّهَا لا تَمْتَلِئُ حَتَّى يُلْقِيَ اللهُ فِيهَا الأَشْقِيَاءَ الَّذِينَ هُمْ قَدَمُ الجَبَّارِ عِنْدَكَ، فَتَمْتَلِئَ بِهِمْ فِي دَعْوَاكَ؟ وَهل اسْتَزَادَتْ أَيُّهَا التَّائِه إلا بَعْدَ مَصِيرِ الأَشْقِيَاءِ إِلَيْهَا، وإِلْقَاءِ اللهِ إِيَاهُم فيها فَاسْتَزَادَتْ بَعْدَ ذَلِكَ.
أَفَيُلْقِيهُمْ فِيهَا ثَانِيَةً، وَقَدْ أَلْقَاهُم فِيهَا قَبْلُ، فَلَمْ تَمْتَلِئْ؟ كَأَنَّهُ فِي دَعْوَاكَ حَبَسَ عَنْهَا الأَشْقِيَاءَ، وألقى فِيهَا السُّعَدَاءَ، فَلَمَّا اسْتَزَادَتْ أَلْقَى فِيهَا الأَشْقِيَاءَ بَعْدُ، حَتَّى مَلَأَهَا.
لَوِ ادَّعَى هَذَا مَنْ لَمْ يَسْمَعْ حَرْفًا مِنَ القُرْآنِ مَا زَادَ!
ثُمَّ رَدَدْتَ الحَدِيثَ بَعْدَمَا أَقْرَرْتَ بِهِ أَنَّهُ حَقٌّ فَقُلْتَ: يُقَالُ لِهَؤُلَاءِ المُشَبِّهَةِ: أَلَيْسَ مَنْ قَالَ: إِنَّ اللهَ يُخْلِفُ وَعْدَهُ كَافِر؟ فَإِن قَالُوا: نعم، فَقل لَهُمْ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ جَهَنَّمَ تَمْتَلِئُ مِنْ غَيْرِ الجِنَّةِ وَالنَّاسِ فَقَدْ كَفَرَ؛ لِأَنَّ الله تَعَالَى قَالَ: ﴿لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١٣)﴾ [السجدة: ١٣].
وَيْلَكَ أَيُّهَا المَرِيسِيُّ! إِنَّمَا أَنْزَلَ هَذِهِ الآيَةَ مَنْ أَنْزَلَ الَّتِي فِي «ق» ﴿يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (٣٠)﴾ [ق: ٣٠].
وَيَجُوزُ فِي الكَلَامِ أَنْ يُقَالَ لِمُمْتَلِئٍ اسْتَزَادَ، كَمَا يَمْتَلِئُ الرَّجُلُ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ فَيَقُولُ: قَدِ امْتَلَأْتُ وَشَبِعْتُ، وَهُوَ يَقْدِرُ أَنْ يَزْدَادَ، كَمَا يُقَالُ: امْتَلَأَ المَسْجِدُ مِنَ النَّاسِ، وَفِيهِ فَضْلُ سَعَة لِلرِّجَالِ بَعْدُ، وَامْتَلَأَ الوَادِي مَاءً وَهُوَ مُحْتَمِلٌ لِأَكْثَرَ مِنْهُ، وَكَمَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «يَخْرُجُ المَهْدِيُّ فَيَمْلَأُ الأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا وَظُلْمًا»، وَفِي الأَرْضِ سَعَةٌ بَعْدُ لِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ الظُّلْمِ، [٢٣/و] وَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ القِسْطِ، فَتَمْتَلِئُ جَهَنَّمُ بِمَا يلقى الله فِيهَا مِمَّا وَعَدَهَا مِنَ الجِنَّةِ وَالنَّاسِ. فَتَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ لِفَضْلٍ فِيهَا غَضَبًا للهِ عَلَى الكفَّار، حَتَّى يَفْعَلَ الجَبَّارُ بِهَا مَا أَخْبَرَ رَسُولُ الله ﷺ كَمَا شَاءَ، وَكَمَا عَنَى رَسُولُ
1 / 147