108

Refutation of Al-Darimi against Al-Marisi - Edited by Al-Shawami

نقض الدارمي على المريسي - ت الشوامي

Investigator

أَبوُ عَاصِم الشَّوَامِيُّ الأَثرِي

Publisher

المكتبة الإسلامية للنشر والتوزيع

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م

Publisher Location

القاهرة - مصر

Genres

مَعْنَاهُ فِي نَفْسِهِ، فَكَيْفَ نَسَبْتَ اللهَ إِلَى العَجْزِ فِي سَمْعِهِ وَبَصَرِهِ عَلَى المَعْنَى الَّذِي تَعْرِفُهُ مِنْ نَفْسِكَ؟ ثُمَّ قُلْتَ: فَكَمَا أَنَّكَ بِأَحَدِهِمَا مُضْطَرٌّ إِلَى الآخَرِ كَذَلِكَ الله -فِيمَا، [١٥/ظ] ادَّعَيْتَ عَلَيْنَا- مُضْطَرٌّ إِلَى الآخَرِ فَشَبَّهْتَ الله فِي مَذْهَبِكَ بِالإِنْسَانِ المُجَدَّع المَنْقُوص.
أَو لم تَسْمَعْ أَيُّهَا المَرِيسِيُّ قَوْلَ الله تَعَالَى ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى: ١١]، وَكَمَا لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، لَيْسَ كَسَمْعِهِ سَمْعٌ، وَلَا كَبَصَرِهِ بَصَرٌ، وَلَا لَهُمَا عِنْدَ الخَلْقِ قِيَاسٌ، وَلَا مِثَالٌ، وَلَا شَبِيهٌ، فَكَيْفَ تَقِيسُهُمَا أَنْتَ بِشَبَهِ مَا تَعْرِفُ مِنْ نَفْسِكَ، وَقَدْ عِبْتَه عَلَى غَيْرك؟
وَأَمَّا دَعْوَاكَ أَنَّ قَوْلَهُ: ﴿سَمِيعٌ بَصِيرٌ (٧٥)﴾ [الحج: ٧٥]: أَنَّهُ يُدْرِكُ الأَصْوَاتَ، وَيَعْلَمُ الألوان.
فَقَدْ فَهِمْنَا بِحَمْدِ الله مَعْنَى كُفْرِ مَا تَقْصِدُهُ بِهِ إِلَيْهِ. فَلَا يَجُوزُ لَكَ عَلَيْنَا فِي ذَلِكَ أُغْلُوطَةٌ -إِنْ شَاءَ الله-: يَعْنِي أَنَّ إِلَهَكَ مُهْملٌ شَبَحٌ هَوَاءٌ قَائِمٌ فِي كُلِّ مَكَانٍ لَا يُوصَفُ بِسَمْعٍ، وَلَا بَصَرٍ، وَلَا عِلْمٍ، وَلَا كَلَامٍ، وَلَا وَجْهٍ، وَلَا يَدٍ وَلَا نَفْسٍ، وَلَا حَدٍّ، فَالسَّمْعُ عِنْدَكَ مِنْهُ بَصَرٌ، وَالبَصَرُ مِنْهُ سَمْعٌ، وَالوَجْهُ ظَهْرٌ، وَالأَعْلَى مِنْهُ أَسْفَلُ، وَالأَسْفَلُ مِنْهُ أَعْلَى، يَسْمَعُ الأَصْوَاتَ -بِزَعْمِكَ- أَنَّهُ يَبْلُغُهُ الصَّوْتُ وَلَا يَفْهَمُهُ؛ كَمَا يَبْلُغُ الجِبَالَ الَّتِي لَيْسَتْ لَهَا أَسْمَاعٌ وَلَا تَفْقَهُهُ، وَيَعْرِفُ الألوان بِالتَّرَائِي وَالمُشَاهَدَةِ، لَا أَنَّ لَهُ سَمْعًا يَسْمَعُ بِهِ فَيَفْقَهُهُ، وَلَا لَهُ بَصَرٌ يُبْصِرُ بِهِ فَيَرَاهُ وَيَعْرِفُهُ، كَمَا يُقَالُ لِلدُّورِ وَالقُصُورِ: يَرَى بَعْضُهَا بَعْضًا، أَيْ يَتَرَائَيا وَلَيْسَتْ لَهَا أَبْصَارٌ، وَالجِبَالُ: يَنْظُرُ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ بِلَا بَصَرٍ، فَكَمَا يُقَال: «ذهب فُلَانٌ بَيْنَ سَمْعِ الأَرْضِ وَبَصَرِهَا» مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لِلْأَرْضِ سَمْعٌ وَلَا بَصَرٌ، هُوَ السَّمْعُ وَالبَصَرُ، فَوَصَفْتَ رَبَّكَ بِمَا وَصَفَ الله بِهِ الأَصْنَامَ، مَا تَقُولُ؟! ﴿وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ (١٩٨)﴾ [الأعراف: ١٩٨]، كَمَا قَالَ لِلَّذِينَ

1 / 110