ونبدأ الآن في الإبحار في أسرار رؤيا يوسف ﵇: سورة يوسف ﵇ هي سورة مكية على الصحيح (^١)، أو على الأقل أن الآيات الأولى منها مكية، وهذه المعلومة تفيدنا في بعض الأمور منها: أولًا: أن رؤيا يوسف ﵇ هي أول رؤيا نزلت في القرآن الكريم (^٢)، وكل أمر يأتي في البداية له أهمية تفوق أهمية ما سواه، فمثلًا أول ما يدعو له الرسل - صلوات الله عليهم أجمعين - هو توحيد الله، ولاحظ أن هذه هي البداية وذلك لأهمية الأمر، فرؤيا يوسف ﵇ لها أهميتها في قواعد علم تعبير الرؤيا (^٣). ثانيًا: أنها نزلت مع السور والآيات المكية (^٤)، بمعنى أنها نزلت مع الآيات التي في بداية الإسلام، وبداية تأسيس الدولة الإسلامية، وهو أهم تأسيس في تاريخ الإسلام، مما يدل على أهمية الرؤى، وأنها جزء من النظام الإسلامي، إذ لا يخفى علينا أن أساسيات الدين الإسلامي والعقائد وأهم الأمور نزلت في السور المكية.

(^١) انظر تفسير ابن كثير (٤/ ٣٦٥). (^٢) انظر الحاشية (١) ص (١٥). (^٣) سوف نخصص مبحثًا لهذا الشأن في نهاية الكتاب - بإذن الله. (^٤) التعريف المشهور: أن كل آية نزلت قبل هجرة الرسول ﷺ تعتبر مكية، وكل آية نزلت بعد هجرته ﵇ فهي مدنية. بتصرف، مباحث في علوم القرآن لمناع القطان ص (٦١).