127

Refinement of Traditions: Musnad of Umar

تهذيب الآثار مسند عمر

Investigator

محمود محمد شاكر

Publisher

مطبعة المدني

Publisher Location

القاهرة

Genres

: «فَلْيَجْزِ بِهِ»: فَلْيُكَافِ بِهِ، وَمِنْهُ قَوْلُ النَّاسِ: جَزَى اللَّهُ فُلَانًا عَنْ فُلَانٍ خَيْرًا، يُعْنَى بِهِ: أَثَابَهُ اللَّهُ وَكَافَاهُ عَنْهُ، عَلَى فِعْلِهِ الَّذِي كَانَ مِنْهُ إِلَيْهِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ ﷺ: «شَرُّ مَا فِي الرَّجُلِ شُحٌّ هَالِعٌ، وَجُبْنٌ خَالِعٌ»، فَإِنَّهُ يَعْنِي بِقَوْلِهِ: «هَالِعٌ»: جَازِعٌ، يَجْزَعُ صَاحِبُهُ مِنَ الْإِنْفَاقِ فِي الْحُقُوقِ مَخَافَةَ الْفَاقَةِ وَالْإِقْتَارِ. وَوَصَفَ بِالْهَلَعِ الشُّحَّ - وَهُوَ مِنْ صِفَةِ الشَّحِيحِ - كَمَا قِيلَ: لَيْلٌ نَائِمٌ، وَنَهَارٌ صَائِمٌ، يُرَادُ بِهِ: يُنَامُ فِي هَذَا، وَيُصَامُ فِي هَذَا، فَكَذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِهِمْ: شُحٌّ هَالِعٌ، أَنَّهُ يَهْلَعُ بِهِ صَاحِبُهُ، وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ ﷿: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا﴾ [المعارج: ١٩]، قِيلَ: ضَجُورًا، وَقِيلَ: جَزُوعًا. وَالْهَلَعُ عِنْدَ الْعَرَبِ: أَشَدُّ الْجَزَعِ وَأَقْبَحُهُ، يُقَالُ مِنْهُ: هَلِعَ فُلَانٌ يَهْلَعُ هَلَعًا وَهُلُوعًا. وَأَمَّا الْجُبْنُ الْخَالِعُ: فَهُوَ الْجُبْنُ الَّذِي يَخْلَعَ فُؤَادَ صَاحِبِهِ مِنَ الْخَوْفِ وَالرُّعْبِ عِنْدَ لِقَاءِ النَّاسِ. وَإِنَّمَا وَصَفَهُمَا ﷺ بِأَنَّهُمَا شَرُّ مَا فِي الْإِنْسَانِ مِنْ خَلَائِقِهِ؛ لِأَنَّ الشُّحَّ يَحْمِلُ صَاحِبَهُ عَلَى كُلِّ عَظِيمَةٍ، مِنْ مَنْعِ حُقُوقِ اللَّهِ ﷿ الَّتِي أَوْجَبَهَا فِي مَالِهِ كَالزَّكَاةِ، وَيَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَدَاءِ مَا يَلْزَمُهُ لِلنَّاسِ مِنَ الدُّيُونِ، وَلِأَهْلِهِ مِنَ النَّفَقَاتِ، وَيَدْعُوهُ إِلَى السَّرَقِ وَغَصْبِ النَّاسِ أَمْوَالَهُمْ، وَخِيَانَتِهِمْ فِيمَا اتَّمَنُوهُ عَلَيْهِ، وَأَشْبَاهِ

1 / 142