كلمات اليأس لا يزيل تردادها اليأس، التأوه والأنين لا يصلحان الشئون بل يوهنان القوى ويورثان الخبال. لنعود أنفسنا ترداد كلمات الأمل والرجاء، فإنها وإن كانت مبنية على وهم مستحب، أو فكرة طائشة، لتعودنا في الأقل العمل ، وتوقظ فينا النشاط وتشحذ منا الإرادة. إن أملا أردده في نفسي كل يوم لا يلبث أن يملكها فيدفعني إلى العمل لتحقيقه. المريض لا يشفيه الأنين، والشقوة لا يزيلها الاستسلام إلى الأقدار، لتبرهن خطتنا في أمور الدنيا والآخرة على عقلنا، ولتبرهن قوتنا على خطتنا، ولتبرهن أعمالنا على هذه القوة فينا.
وحبذا الشرقيون والغربيون لو أخذ بعضهم عن بعض مما هو جميل في أديانهم، صحيح في آدابهم، سام في فنونهم، سليم في عاداتهم، سديد في عقائدهم، عادل في أحكامهم وشرائعهم. فالحق يقال: إن خلاصة آداب الشرق والغرب - بل خير ما في الاثنين ممزوجا موحدا - إنما هو الدواء الوحيد لأمراض هذا الزمان الاجتماعية والدينية والسياسية، فالغربي عندئذ يعود إلى الله، والشرقي يرفع عنه تعالى بعض أثقاله.
الباب الرابع
الشعر المنثور
(1) النجوى
1
يا ذا الجلال الأزلي، ألحفني بشيء من جلالك
يا ذا النور الدائم، امددني بقبس من نورك
يا ذا القوة غير المتناهية، ابعث منها في قواي •••
إنما أنا مبدأ الحياة الأزلية، وعين الحب والقوة، وأني حي فيك، عليم بنجاويك •••
Unknown page