العصمة لله وحده، وما هو منزل من لدنه تعالى ينبغي أن يكون منزها عن الأغلاط، والمنزه عن الأغلاط في الكتب أو في الناس إنما هو كامل تام، والكامل التام لا يقبل التحسين، ولا يحتاج للتأويل ولا ينفعه الشرح العصري والتفسير. والحال أن الكتب المقدسة كلها تؤول اليوم آياتها وتفسر، لا لشرح غويصها وكشف غامضها، بل لتوافق الانقلابات الحديثة ولتنطبق على مقتضى الحال والمكان والزمان، وفي كل هذه الكتب آيات يناقض ظاهرها وباطنها الحقائق العلمية، إذن ليست هي منزهة عن الأغلاط، وبالتالي ليست هي منزلة موحية.
وقد يكون مصدر هذه الآيات مصدرا مجهولا ترتبط أسبابه الغامضة الخفية بنفس الإنسان المتوقدة ذكاء، السامية خلقا، البعيدة حجة، والإنسان - نابغة كان أو نبيا - هو عرضة للخطأ والنسيان يجيء في الأحايين بالمناقضات ولا يدركها.
3
أقف عند هذا الحد لأعود إلى ذينك العالمين الكبيرين المنقطعي النظير في الروحانيات وفي البلاغة، وإني لأفضل حياة قدساها بالعمل الصالح الجليل على كثير من غزير ما سوداه من الأوراق في الإلهيات والكونيات.
فإن للغزالي وللقديس أغسطينوس محرابا خصوصيا في مسجد نفسي الحافل بالأنوار، وإن نورهما ليكسف أحيانا تلك التي أوقدها الذكاء ولم تلمسها الروح، أجل إني لأفضلهما في الأحايين على كثير من النوابغ والعلماء، ولا أظنني مخطئا إذا قلت إن العربي واللاتيني على شرعة واحدة من الحق والحقيقة، كلاهما يسلك مسلك التوحيد كلاهما من كبار المتصوفين، وقد قال أحد السالكين: إن التصوف من الصوف، ثلاثة أحرف هي أصول ثلاثة:
ص:
الصدق والصبر والصفاء.
و:
الود والورد والوفاء.
ف:
Unknown page