وقد يقال: في قوله) نزلت (احتراس مَّا، لكَّنه خَفِيَّ، والمقام يأبَاه.
ومن ديوانه قولُه أيضًا:
كيف السَّبيلُ إلى كَتْمِ الغرام إذا ... كاتبْتُكم وأردْتُ السِّرَّ ينْكَتِمُ
وقد غداَ الطِّرْسُ بالوجْهَيْنِ مُشتَهِرًا ... وباللِّسانَيْن أمسْى يُعْرَفُ القَلمُ
وقوله:
لقد مرضَ الجَهُولُ له فعُدْنَا ... ونحنُ إذًا أُناسٌ رَاحُمونَا
فظنَّ بأنَّنا عُدْناهُ خوفًا ... فإن عُدْنَا فإنَّا ظَالِمُونَا
وقوله أيضًا:
إذا دُفِن الإنسانُ في الرَّمْسِ بُرْهةً ... وعاوَدْتَه تلْقاهُ بادٍ ثانَيَاهُ
وما ذاك إلا أنَّه مُتِّسمٌ ... على كلِّ مغْرورٍ بأحْوالِ دُنْياهُ
ومما يُضاهي هذا، أن المولود يُولد باكيًا، مقبُوضَ الكفِّ، فإذا مات فتَحها، فقال لحكماء: إنه إشارة لحرْصِه حيَّا، وأنه خرج منها بغير شئٍ، كما قيل:
وفي قَبْضِ كفِّ الطفلِ عندَ وِلاَدِهِ ... دليلٌ على الحِرْصِ المُركَّبِ في الحَيِّ
وفي بَسْطِها عند الممَاتِ إشارَةٌ ... ألا فانْظُرونِي قد خرَجْتُ بلا شَئِّ
وكم في الكَوْن من إشارات، فهو جميعُه ناطقٌ بالعِظات، ولكن مَن يسمع ويبصر!