94

Rawdat Wacizin

روضة الواعظين و بصيرة المتعظين - الجزء1

هل رأيت ربك؟ قال: ويحك يا ذعلب! لم أكن بالذي أعبد ربا لم أره. فقال (1):

كيف رأيته؟ صفه لنا.

قال: ويلك! لم تره العيون بمشاهدة الأبصار، ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان. ويلك يا ذعلب! إن ربي لا يوصف بالبعد، ولا بالحركة، ولا بالسكون، ولا بقيام قيام انتصاب، ولا مجيئة، ولا بذهاب، لطيف اللطافة لا يوصف باللطف، عظيم العظمة لا يوصف بالعظم ، كبير الكبرياء لا يوصف بالكبر، جليل الجلالة لا يوصف بالغلظ، رءوف الرحمة لا يوصف بالرقة، مؤمن لا بعبادة، مدرك لا بمحسة، قائل لا بلفظ، هو في الأشياء لا على ممازجة، خارج منها على غير مباينة، فوق كل شيء ولا يقال شيء فوقه، أمام كل شيء ولا يقال له أمام، داخل (2) في الأشياء لا كشيء في شيء داخل، وخارج منها لا كشيء من شيء خارج. فخر ذعلب مغشيا عليه.

ثم قال: تالله ما سمعت بمثل هذا الجواب، والله لأعدت إلى مثلها! (3) [97] 14- وروي أن أعرابيا أتى جعفر بن محمد الصادق (عليهما السلام)، فقال: هل رأيت ربك حين عبدته؟ فقال: لم أكن لأعبد ربا لم أره. فقال: كيف رأيته؟

فقال: لم تره الأبصار بمشاهدة العيان، بل رأته القلوب بحقائق الإيمان، لا يدرك بالحواس، ولا يقاس بالناس، معروف بالآيات، منعوت بالعلامات، لا يجوز في قضيته، هو الله الذي لا إله إلا هو. فقال الأعرابي: الله أعلم حيث يجعل

Page 100