[مقدمة المحقق]
بسم الله الرحمن الرحيم
اضطلعت نفائس كنوز المعرفة الإسلامية منذ أمد بعيد بمهمة تمهيد السبل أمام مسيرة التكامل البشري، وقد عبدت الحضارة الإسلامية طرق الخير والصلاح للناس قبل أن تخطو الحضارات الأخرى خطوة جادة في هذا المضمار. ولا غرابة في ذلك، بل هذا هو المأمول من دين حنيف له مثل هذه الشمولية، ولا نبالغ لو قلنا بأن هذا التراث الخالد من المعارف الإسلامية يعد بحد ذاته واحدا من أوجه التمايز بين الأمة الإسلامية والدين الإسلامي، وبين سائر الأمم والأديان.
والمسلم الذي يلتزم بتعاليم دينه ويعمل بها، يبلغ مرتبة لا يرى فوقها مرتبة من الرفعة والعظمة؛ لأنه اتخذ من الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) والأئمة المعصومين (عليهم السلام) اسوة يسير على هديهم ويقتدي بسيرتهم ليتسنى له الوصول إلى غاية ما يبلغه الناس من الكمال.
والتاريخ أيضا يعكس هذه الحقيقة. حيث إنه يعتبر المعارف الإسلامية بمثابة المفتاح القادر على أن يفتح مغاليق كل القلوب وإزاحة الصدأ المتراكم عليها، وأن يعكس على القلوب المؤمنة ضياء هذا النور الإلهي المنبثق من مكة المكرمة.
وبعد مضي أكثر من أربعة عشر قرنا لا زال كثير من المسلمين وسواهم من غير المسلمين يتخذون من هذه التعاليم الإلهية منطلقا لسلوكهم وعلى أساسها يبني كل واحد منهم شخصيته، وبها يفرق المرء بين ما ينفعه وما يضره، وبها يقي نفسه من الهلكة، ويرتقي بهذه التعاليم القيمة إلى معالي درجات الكمال.
وقد استطاعت المكتبة الإسلامية أن تؤدي هذه المهمة بفضل ما تتصف به من سعة وعمق، وفي ضوء ما جادت به قرائح مؤلفيها من ترتيب وفقا للأبواب والفصول، فقد تم
Page 3