171

كان الخليفة التاسع عشر لبنى العباس، والثامن والثلاثين بعد النبى (عليه السلام)، آلت إليه الخلافة بعد أخيه، وكانت أخلاقه سيئة وسيرته، كما كان سفاحا، ضاق الناس منه فى شدة وكرب، فاعتقلوه وسملوا عينيه وجعلوا ابن أخيه خليفة بعده، وكان وزيره أبا على محمد بن مقلة، فعزله فى سنة ثلاثمائة وإحدى وعشرين، وأسند الوزارة إلى أبى جعفر محمد بن القاسم بن عبد الله بن سليمان، فعزله أيضا، وأسندها إلى أبى العباس أحمد بن عبد الله الحصنى، وتوفى أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد العمانى فى بغداد فى نفس السنة، وكان فى زمانه خليفة لخليل بن أحمد البصرى فى الشعر واللغة:

يا ظبية شىء بالمنى

رائعة بين السدير واللوى

أما ترى رأسى حاكى لونه

طرة صبح تحت أذيال الدجى!

واشتعل المبيض فى مسوده

مثل اشتعال النار فى حول الغضى

وعارضه أبو القاسم على بن محمد بن داود بن الفهم التنوخى الأنطاكى 63 فى هذه القصيدة، وقال:

لولا انتهائى لم أطلع نهى الهوى

مدى الصبا نطلب من حاز المدى

إن كنت قصرت فما قصر قلب

داميا ترميه ألحاظ الدمى

ومقلة إن مقلت أهل القضا

أغصت وفى أجفانها جمر الغضى

وكم ظباء رعيها ألحاظها

أسرع فى الأنفس من حد الظبى

وتوفى أبو بكر محمد بن على الكتانى البغدادى فى مكة، وأبو على أحمد بن محمد الرودبارى فى مصر سنة ثلاثمائة واثنتين وعشرين، وخلع القاهر يوم الأربعاء لخمس حلون من جمادى الأولى سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة، وكانت مدة خلافته عاما وستة أشهر وستة أيام.

الراضى بالله أبو العباس محمد بن جعفر المقتدر:

Page 196