135

وجاء فى كتاب خلق الإنسان، أنه حينما ثار يحيى بن عبد الله المحض فى طبرستان، مضى الفضل بن يحيى لمحاربته، ورغب إلى الفضل أن يطلب له الأمان من أمير المؤمنين، فكتب إليه هارون كتاب الأمان بخط يده واستودعه عند جعفر، فقال لجعفر ذات ليلة: امض إليه وأنجز عمله، فأرسل جعفر يحيى إلى خراسان؛ ليخفيه عند على بن عيسى بن ماهان، وكان بين جعفر وعلى حقد دفين، فأخبر هارون بهذا الأمر فى الحال، فصمم الخليفة على إسقاط آل برمك، وسافر للحج فى سنة ثمان وثمانين ومائة، وأخذ معه يحيى وجعفر والفضل والجارية التى أفضت إليه بخبر العباسة، ولما وصل إلى مقصده وأدى مناسك الحج، استدعى ابنى العباسة، وجاء فى تاريخ الطبرى، أنه قتلهما، ويقول المقدسى:

إنه طرحهما فى بئر، ولما عاد فى ليلة السبت أو شهر صفر سنة تسع وثمانين ومائة، أرسل مسرورا الخادم؛ ليقتلع رأس جعفر، فقضى على هذا المعدن للكرم وتلك الدنيا للمروءة، وكان له من العمر خمسة وخمسون عاما.

شعر

عليك سلام الله وقفا فإننى

رأيت الكريم الحر ليس له عمر

وفى نفس الوقت الذى قتلوا فيه يحيى قتلوا معه ثلاثة أبناء آخرين، وكتبوا أمرا من السلطان، وأرسلوه إلى أطراف البلاد جاء فيه بقتل كل أولاد البرامكة فى كل مكان، وصادر كل ضياعهم وأموالهم واستولى عليها، وأرسل هارون جثة جعفر إلى بغداد ليصلبوه وعلقوا رأسه على رأس جسر، ولم يبق على وجه الأرض أحد من بنى برمك إلا محمد بن خالد البرمكى وكان رجلا زاهدا ولم يخض فى أمر الملك، وأسقط أسرة البرامكة التى نزلت فيهم آية الكرم، وكان من أول خلافة هارون إلى انقراض دولة البرامكة تسعة عشر عاما واثنى عشر يوما، وقال الشعراء الكثير من المراثى فيهم، ومنها قصيدتان طويلتان لعلى بن معاد 44.

شعر

يا أيها المغتر بالدهر

والدهر ذو صروف وذو غدر

Page 160