Taʾrih al-Banakti
تأريخ البنكتي
Genres
فاخش الله، وانتبه إلى ما سوف تجيبه؛ لأنه سوف يسألك يوم القيامة عن المسلمين واحدا واحدا، وسيطلب إنصاف كل واحد، وإذا ما نامت امرأة عجوز بلا طعام ذات ليلة، فإنها ستتعلق بك غدا وستعاديك؛ فخر هارون عن وعيه من البكاء، فقال الفضل: كفى فقد قتلت أمير المؤمنين، فقال الفضيل: اسكت يا هامان فقد قتلته أنت وقومك ولم أقتله 41، فازداد هارون فى البكاء، فقال هارون للفضل: لقد سماك هامان؛ لأنه يعرف أنى فرعون، ثم قال هارون: أليس عليك أى دين؟، فقال الفضيل: على دين الله، وهو الطاعة، فإذا كان يؤاخذنى بها فالويل لى، فقال هارون: أقول عليك دين للخلق، قال: الحمد لله إن لى منه نعما كثيرة، ولست أشكو منه حتى أقولها للناس، فقدم هارون إلى الفضيل بدرة من ذهب، وقال: هذا حلال لأنها جاءتنى من ميراث أمى، فقال الفضيل: نصائحى تلك لم تنفعك، كما إنك بدأت الظلم هنا، إنى أدعوك إلى الفوز والفلاح، وأقول لك: إن ما لديك رده إلى الله، فإنك تعطى إلى ما لا يجب أن تعطيه، قال هذا ونهض من أمام هارون ومضى، فخرج هارون، وقال: إن الرجل فضيل حقا.
وتوفى أبو إسحاق إبراهيم بن أدهم بن منصور البلخى فى مكة، الذى كان مصاحبا لسفيان الثورى، والفضيل بن عياض فى الشام سنة ست وثمانين ومائة.
حكاية:
طوف إبراهيم بن أدهم أربعة عشر عاما فى البادية، وكان يصلى فى الطريق حتى وصل مكة، فاستقبله شيوخ الحرم، فطرح إبراهيم نفسه أمام القافلة حتى لا يعرفه أحد، فوصل إليه خدام الحرم قبل الشيوخ، وسألوا هل اقترب إبراهيم بن أدهم؟؛ لأن شيوخ الحرم قدموا لاستقباله، قال: ماذا يريدون من هذا الزنديق؟؛ فصفعه الخدم على قفاه قائلين له: أنت الزنديق، فقال إبراهيم: أقول هذا كذلك، ولما انفضوا عنه، قال إبراهيم لنفسه: يا أيتها النفس! لقد رأيت جزاءك، فطلبوا منه المعذرة فى الوقت الذى عرفوه فيه ، وسكن مكة، وكان يعيش من كسب يده، فتارة يبيع الحطب، وتارة أخرى يعمل بستانيا. قيل: إنه شعر ذات ليلة فى الشتاء ببرد شديد فى غار، وكان فيه حتى السحر، وكان يخشى عليه من الموت، فخطر فى باله أن يلبس فروا، فأدفأ الفرو ظهره فى الحال، ودخل فى النوم، ولما استيقظ رأى تنينا كان الفرو يدفئه، فقال: يا إلهى لقد أرسلته إلى لطفا منك، ولا طاقة لى أن أراه مقهورا، فوضع رأسه على الأرض فى الحال ومضى.
وتوفى أبو عيسى سليم بن عيسى الحنفى الكوفى القارئ فى الكوفة، وأبو الحسن على حمزة الكسائى القارئ، وأبو عبد الله محمد بن الحسن الشيبانى القاضى فى الرى سنة تسع وثمانين ومائة.
Page 157