Rawdat Talibin
روضة الطالبين وعمدة المفتين
Investigator
زهير الشاويش
Publisher
المكتب الإسلامي
Edition Number
الثالثة
Publication Year
1412 AH
Publisher Location
بيروت
Genres
Shafi'i Jurisprudence
الْحَالَةُ الرَّابِعَةُ: أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ حَاضِرًا، بِأَنْ يَزْدَحِمَ مُسَافِرُونَ عَلَى بِئْرٍ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَسْتَقِيَ مِنْهَا إِلَّا وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ، لِضِيقِ الْمَوْقِفِ، أَوِ اتِّحَادِ الْآلَةِ، فَإِنْ تَوَقَّعَ حُصُولَ نَوْبَتِهِ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ، لَمْ يَجُزِ التَّيَمُّمُ. وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهَا لَا تَحْصُلُ إِلَّا بَعْدَ الْوَقْتِ، فَنَصَّ الشَّافِعِيُّ ﵀، أَنَّهُ يَجِبُ الصَّبْرُ لِيَتَوَضَّأَ. وَنَصَّ فِي عُرَاةٍ مَعَهُمْ ثَوْبٌ وَاحِدٌ يَتَنَاوَبُونَهُ، أَنَّهُ يَصْبِرُ لِيَسْتُرَ عَوْرَتَهُ، وَيُصَلِّيَ بَعْدَ الْوَقْتِ. وَنَصَّ فِي جَمَاعَةٍ فِي مَوْضِعٍ ضَيِّقٍ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ قَائِمًا إِلَّا وَاحِدٌ، أَنَّهُ يُصَلِّي فِي الْوَقْتِ قَاعِدًا، إِذَا عَلِمَ أَنَّ نَوْبَتَهُ لَا تَحْصُلُ إِلَّا بَعْدَ الْوَقْتِ. وَهَذَا يُخَالِفُ النَّصَّيْنِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ السَّابِقَتَيْنِ، فَالْأَصَحُّ مَا قَالَهُ أَبُو زَيْدٍ وَغَيْرُهُ: أَنَّ فِي الْجَمِيعِ قَوْلَيْنِ. أَحَدُهُمَا: يُصَلِّي فِي الْوَقْتِ بِالتَّيَمُّمِ، وَعَارِيًا، وَقَاعِدًا، لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ. وَالثَّانِي: يَصْبِرُ، لِلْقُدْرَةِ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: تَقْرِيرُ النَّصَّيْنِ، فَيَصْبِرُ لِلْوُضُوءِ وَاللُّبْسِ، دُونَ الْقِيَامِ، لِسُهُولَةِ أَمْرِهِ.
وَقَالَ كَثِيرُونَ: لَا نَصَّ فِي مَسْأَلَةِ الْبِئْرِ، وَنَصَّ فِي الْأُخْرَيَيْنِ عَلَى مَا سَبَقَ، وَأَلْحَقُوا الْوُضُوءَ بِالْقِيَامِ لِحُصُولِ بَدَلِهِمَا. فَقَالُوا: يَتَيَمَّمُ فِي الْوَقْتِ وَيُصَلِّي. وَأَجْرَى إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ، وَالْغَزَالِيُّ هَذَا الْخِلَافَ فِيمَا إِذَا لَاحَ لِلْمُسَافِرِ الْمَاءُ، وَلَا عَائِقَ دُونَهُ، وَلَكِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ، وَعَلِمَ أَنَّهُ لَوِ اشْتَغَلَ بِهِ، فَاتَهُ الْوَقْتُ. وَهَذَا يَقْتَضِي إِثْبَاتَ الْخِلَافِ فِي الْمَرْتَبَةِ الثَّانِيَةِ، مِنَ الْحَالَةِ الثَّالِثَةِ، وَقَدْ أَشَرْنَا إِلَيْهِ هُنَاكَ.
قُلْتُ: الْأَصَحُّ مِنَ الطَّرِيقَيْنِ إِجْرَاءُ الْقَوْلَيْنِ فِي الْجَمِيعِ. وَأَظْهَرُهُمَا: يُصَلِّي فِي الْوَقْتِ بِالتَّيَمُّمِ، وَعَارِيًا، وَقَاعِدًا، وَلَا إِعَادَةَ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَفِي (التَّهْذِيبِ) فِي وُجُوبِ الْإِعَادَةِ، قَوْلَانِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
إِذَا وَجَدَ الْجُنُبُ، أَوِ الْمُحْدِثُ مَا لَا يَكْفِيهِ لِطَهَارَتِهِ، وَجَبَ اسْتِعْمَالُهُ عَلَى الْأَظْهَرِ، ثُمَّ يَجِبُ التَّيَمُّمُ بَعْدَهُ لِلْبَاقِي، فَيَغْسِلُ الْمُحْدِثُ وَجْهَهُ، ثُمَّ يَدَيْهِ عَلَى التَّرْتِيبِ، وَيَغْسِلُ الْجُنُبُ مِنْ جَسَدِهِ مَا شَاءَ. وَالْأَوْلَى: أَعْضَاءُ الْوُضُوءِ. فَإِنْ كَانَ مُحْدِثًا
1 / 96