78

Rawḍat al-Ṭālibīn wa-ʿUmdat al-Muftīn

روضة الطالبين وعمدة المفتين

Editor

زهير الشاويش

Publisher

المكتب الإسلامي

Edition Number

الثالثة

Publication Year

1412 AH

Publisher Location

بيروت

قُلْتُ: قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ بِالْجَوَازِ، وَهُوَ: الرَّاجِحُ، فَإِنَّهُ غَيْرُ حَامِلٍ وَلَا مَاسٍّ.
وَلَوْ لَفَّ كُمَّهُ عَلَى يَدِهِ، وَقَلَّبَ بِهِ الْوَرَقَ، حَرُمَ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَهُوَ الصَّوَابُ. وَقِيلَ: وَجْهَانِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَا يَحْرُمُ حَمْلُ الْمُصْحَفِ فِي جُمْلَةِ مَتَاعٍ، عَلَى الْأَصَحِّ. وَكِتَابَةُ الْقُرْآنِ عَلَى شَيْءٍ بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ غَيْرِ مَسٍّ، وَلَا حَمْلٍ، جَائِزَةٌ عَلَى الْأَصَحِّ، وَيَجُوزُ مَسُّ التَّوْرَاةِ، وَالْإِنْجِيلِ، وَمَا نُسِخَتْ تِلَاوَتُهُ مِنَ الْقُرْآنِ، وَحَمْلُهَا عَلَى الصَّحِيحِ. وَلَا يَحْرُمُ مَسُّ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَحَمْلُهُ، وَلَكِنَّ الْأَوْلَى التَّطَهُّرُ لَهُ. وَأَمَّا مَا كُتِبَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنَ الْقُرْآنِ لَا لِلدِّرَاسَةِ، كَالدَّرَاهِمِ الْأَحَدِيَّةِ، وَالثِّيَابِ، وَالْعِمَامَةِ، وَالطَّعَامِ، وَالْحِيطَانِ، وَكُتُبِ الْفِقْهِ، وَالْأُصُولِ، فَلَا يَحْرُمُ مَسُّهُ، وَلَا حَمْلُهُ عَلَى الصَّحِيحِ. وَكَذَا لَا يَحْرُمُ كُتُبُ التَّفْسِيرِ عَلَى الْأَصَحِّ. وَقِيلَ: إِنْ كَانَ الْقُرْآنُ أَكْثَرَ، حَرُمَ قَطْعًا. وَقِيلَ: إِنْ كَانَ الْقُرْآنُ بِخَطٍّ مُتَمَيِّزٍ، حَرُمَ الْحَمْلُ قَطْعًا.
قُلْتُ: مُقْتَضَى هَذَا الْكَلَامِ، أَنَّ الْأَصَحَّ: أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ إِذَا كَانَ الْقُرْآنُ أَكْثَرَ، وَهَذَا مُنْكَرٌ. بَلِ الصَّوَابُ: الْقَطْعُ بِالتَّحْرِيمِ، لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يُسَمَّ مُصْحَفًا، فَفِي مَعْنَاهُ. وَقَدْ صَرَّحَ بِهَذَا صَاحِبُ (الْحَاوِي) وَآخَرُونَ. وَنَقَلَهُ صَاحِبُ (الْبَحْرِ) عَنِ الْأَصْحَابِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَيَحْرُمُ عَلَى الْبَالِغِ مَسُّ، وَحَمْلُ اللَّوْحِ الْمَكْتُوبِ فِيهِ قُرْآنٌ، لِلدِّرَاسَةِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَلَا يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ وَالْمُعَلِّمِ مَنْعُ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ مِنْ مَسِّ الْمُصْحَفِ وَاللَّوْحِ اللَّذَيْنِ يَتَعَلَّمُ مِنْهُمَا، وَحَمْلِهِمَا عَلَى الْأَصَحِّ. وَلَا يَحْرُمُ أَكْلُ الطَّعَامِ، وَهَدْمُ الْحَائِطِ الْمَنْقُوشِ بِالْقُرْآنِ.
قُلْتُ: وَيُكْرَهُ إِحْرَاقُ الْخَشَبَةِ الْمَنْقُوشَةِ بِهِ. وَيُكْرَهُ كِتَابَتُهُ عَلَى الْحِيطَانِ، سَوَاءٌ الْمَسْجِدُ وَغَيْرُهُ، وَعَلَى الثِّيَابِ، وَيَحْرُمُ كِتَابَتُهُ بِشَيْءٍ نَجِسٍ. وَلَوْ كَانَ عَلَى بَعْضِ بَدَنِ الْمُتَطَهِّرِ نَجَاسَةٌ حَرُمَ مَسُّ الْمُصْحَفِ بِمَوْضِعِهَا، وَلَا يَحْرُمُ بِغَيْرِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَمَنْ

1 / 80