Rawḍat al-Ṭālibīn wa-ʿUmdat al-Muftīn
روضة الطالبين وعمدة المفتين
Editor
زهير الشاويش
Publisher
المكتب الإسلامي
Edition
الثالثة
Publication Year
1412 AH
Publisher Location
بيروت
Genres
Shāfiʿī Law
قُلْتُ: وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ يَقُولُ: السُّنَّةُ، وَالْمُسْتَحَبُّ، وَالْمَنْدُوبُ، وَالتَّطَوُّعُ، وَالنَّفْلُ وَالْمُرَغَّبُ فِيهِ، وَالْحَسَنُ، كُلُّهَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَهُوَ مَا رَجَّحَ الشَّرْعُ فِعْلَهُ عَلَى تَرْكِهِ، وَجَازَ تَرْكُهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي الرَّوَاتِبِ مَا هِيَ؟ فَقِيلَ: هِيَ النَّوَافِلُ الْمُوَقَّتَةُ بِوَقْتٍ مَخْصُوصٍ، وَعُدَّ مِنْهَا التَّرَاوِيحُ، وَصَلَاةُ الْعِيدَيْنِ، وَالضُّحَى. وَقِيلَ: هِيَ السُّنَنُ التَّابِعَةُ لِلْفَرَائِضِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ مَا سِوَى فَرَائِضِ الصَّلَاةِ، قِسْمَانِ. مَا يُسَنُّ لَهُ الْجَمَاعَةُ كَالْعِيدَيْنِ، وَالْكُسُوفَيْنِ، وَالِاسْتِسْقَاءِ. وَلَهَا أَبْوَابٌ مَعْرُوفَةٌ، وَمَا لَا يُسَنُّ فِيهِ الْجَمَاعَةُ، وَهِيَ رَوَاتِبُ مَعَ الْفَرَائِضِ وَغَيْرِهَا، فَأَمَّا الرَّوَاتِبُ، فَالْوَتْرُ وَغَيْرُهُ، وَأَمَّا غَيْرُ الْوَتْرِ، فَاخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ فِي عَدَدِهَا، فَقَالَ الْأَكْثَرُونَ: عَشْرُ رَكَعَاتٍ، رَكْعَتَانِ قَبْلَ الصُّبْحِ، وَرَكْعَتَانِ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَانِ بَعْدَهَا، وَرَكْعَتَانِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَرَكْعَتَانِ بَعْدَ الْعِشَاءِ. وَمِنْهُمْ مَنْ نَقَصَ رَكْعَتَيِ الْعِشَاءِ. نَصَّ عَلَيْهِ فِي (الْبُوَيْطِيِّ) وَبِهِ قَالَ الْخُضَرِيُّ. وَمِنْهُمْ مَنْ زَادَ عَلَى الْعَشْرِ رَكْعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ. وَمِنْهُمْ مَنْ زَادَ عَلَى هَذَا أَرْبَعًا قَبْلَ الْعَصْرِ. وَمِنْهُمْ مَنْ زَادَ عَلَى هَذَا أُخْرَيَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ. فَهَذِهِ خَمْسَةُ أَوْجُهٍ لِأَصْحَابِنَا، وَلَيْسَ خِلَافُهُمْ فِي أَصْلِ الِاسْتِحْبَابِ، بَلْ إِنَّ الْمُؤَكَّدَ مِنَ الرَّوَاتِبِ مَاذَا؟ مَعَ أَنَّ الِاسْتِحْبَابَ يَشْمَلُ الْجَمِيعَ. وَلِهَذَا قَالَ صَاحِبُ (الْمُهَذَّبِ) وَجَمَاعَةٌ: أَدْنَى الْكَمَالِ: عَشْرُ رَكَعَاتٍ، وَهُوَ الْوَجْهُ الْأَوَّلُ. وَأَتَمُّ الْكَمَالِ: ثَمَانِيَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، وَهُوَ الْوَجْهُ الْخَامِسُ. وَفِي اسْتِحْبَابِ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ وَجْهَانِ.
وَبِالِاسْتِحْبَابِ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الطُّوسِيُّ، وَأَبُو زَكَرِيَّا السُّكَّرِيُّ.
قُلْتُ: الصَّحِيحُ، اسْتِحْبَابُهُمَا، فَفِي مَوَاضِعَ مِنْ (صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ) عَنْ
[عَبْدِ اللَّهِ] بْنِ مُغَفَّلٍ ﵁ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: (صَلُّوا قَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ) قَالَ فِي الثَّالِثَةِ: لِمَنْ شَاءَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
1 / 327