26

Rawdat Talibin

روضة الطالبين وعمدة المفتين

Investigator

زهير الشاويش

Publisher

المكتب الإسلامي

Edition Number

الثالثة

Publication Year

1412 AH

Publisher Location

بيروت

إِذَا نَجَّسْنَا الثَّلَاثَةَ فَاسْتَحَالَتْ حَيَوَانَاتٍ. وَأَمَّا غَيْرُ نَجِسِ الْعَيْنِ، فَضَرْبَانِ: نَجَاسَةٌ عَيْنِيَّةٌ، وَحُكْمِيَّةٌ، فَالْحُكْمِيَّةُ: هِيَ الَّتِي تَيَقَّنَ وُجُودَهَا وَلَا تُحَسُّ، كَالْبَوْلِ إِذَا جَفَّ عَلَى الْمَحَلِّ وَلَمْ يُوجَدْ لَهُ رَائِحَةٌ وَلَا أَثَرٌ، فَيَكْفِي إِجْرَاءُ الْمَاءِ عَلَى مَحَلِّهَا مَرَّةً، وَيُسَنُّ ثَانِيَةً، وَثَالِثَةً. وَأَمَّا الْعَيْنِيَّةُ: فَلَا بُدَّ مِنْ مُحَاوَلَةِ إِزَالَةِ مَا وُجِدَ مِنْهَا مِنْ طَعْمٍ، وَلَوْنٍ، وَرِيحٍ، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَبَقِيَ طَعْمٌ، لَمْ يَطْهُرْ، وَإِنْ بَقِيَ اللَّوْنُ وَحْدَهُ وَهُوَ سَهْلُ الْإِزَالَةِ، لَمْ يَطْهُرْ. وَإِنْ كَانَ عُسْرُهَا، كَدَمِ الْحَيْضِ يُصِيبُ الثَّوْبَ، وَرُبَّمَا لَا يَزُولُ بَعْدَ الْمُبَالَغَةِ، وَالِاسْتِعَانَةِ بِالْحَتِّ وَالْقَرْصِ، طَهُرَ. وَفِيهِ وَجْهٌ شَاذٌّ أَنَّهُ لَا يَطْهُرُ، وَالْحَتُّ وَالْقَرْصُ لَيْسَا بِشَرْطٍ، بَلْ مُسْتَحَبَّانِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَقِيلَ: هُمَا شَرْطٌ، وَإِنْ بَقِيَتِ الرَّائِحَةُ وَحْدَهَا وَهِيَ عَسِرَةُ الْإِزَالَةِ، كَرَائِحَةِ الْخَمْرِ، فَقَوْلَانِ. وَقِيلَ: وَجْهَانِ. أَظْهَرُهُمَا يَطْهُرُ. وَإِنْ بَقِيَ اللَّوْنُ وَالرَّائِحَةُ مَعًا، لَمْ يَطْهُرْ عَلَى الصَّحِيحِ، ثُمَّ الصَّحِيحُ الَّذِي قَالَهُ الْجُمْهُورُ، إِنَّ مَا حَكَمْنَا بِطَهَارَتِهِ مَعَ بَقَاءِ لَوْنٍ أَوْ رَائِحَةٍ، فَهُوَ طَاهِرٌ حَقِيقَةً، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ نَجِسٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ. وَقَدْ أَشَارَ إِلَيْهِ فِي (التَّتِمَّةِ) ثُمَّ بَعْدَ زَوَالِ الْعَيْنِ يُسَنُّ غَسْلُهُ، ثَانِيَةً، وَثَالِثَةً، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي حُصُولِ الطَّهَارَةِ عَصْرُ الثَّوْبِ عَلَى الْأَصَحِّ، بِنَاءً عَلَى طَهَارَةِ الْغُسَالَةِ. وَإِنْ قُلْنَا بِالضَّعِيفِ: إِنَّ الْعَصْرَ شَرْطٌ، قَامَ مَقَامَهُ الْجَفَافُ عَلَى الْأَصَحِّ، لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي زَوَالِ الْمَاءِ. فَرْعٌ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ طَهَارَةِ الْمَحَلِّ بِالْعَصْرِ أَوْ دُونَهُ: هُوَ فِيمَا إِذَا وَرَدَ الْمَاءُ عَلَى الْمَحَلِّ، أَمَّا إِذَا وَرَدَ الْمَاءُ الْمَحَلَّ النَّجِسَ، كَالثَّوْبِ يُغْمَسُ فِي إِجَّانَةٍ فِيهَا مَاءٌ وَيُغْسَلُ فِيهَا، فَفِيهِ وَجْهَانِ: الصَّحِيحُ الَّذِي قَالَهُ الْأَكْثَرُونَ: لَا يَطْهُرُ، وَقَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ: يَطْهُرُ، وَلَوْ أَلْقَتْهُ الرِّيحُ فِيهِ وَالْمَاءُ دُونَ قُلَّتَيْنِ، نَجُسَ الْمَاءُ أَيْضًا بِلَا خِلَافٍ.

1 / 28