Rawḍat al-Ṭālibīn wa-ʿUmdat al-Muftīn
روضة الطالبين وعمدة المفتين
Editor
زهير الشاويش
Publisher
المكتب الإسلامي
Edition Number
الثالثة
Publication Year
1412 AH
Publisher Location
بيروت
Genres
Shāfiʿī Law
وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَجِبُ الطُّمَأْنِينَةُ فِي الِاعْتِدَالِ، كَالرُّكُوعِ.
وَقَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: فِي قَلْبِي مِنَ الطُّمَأْنِينَةِ فِي الِاعْتِدَالِ شَيْءٌ، وَفِي كَلَامِ غَيْرِهِ مَا يَقْتَضِي تَرَدُّدًا فِيهَا، وَالْمَعْرُوفُ الصَّوَابُ وُجُوبُهَا.
وَيَجِبُ أَنْ لَا يَقْصِدَ بِارْتِفَاعِهِ شَيْئًا آخَرَ. فَلَوْ رَأَى فِي رُكُوعِهِ حَيَّةً، فَرَفَعَ فَزَعًا مِنْهَا لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ.
وَيَجِبُ أَنْ لَا يُطَوِّلَ الِاعْتِدَالَ، فَإِنْ طَوَّلَهُ، فَفِي بُطْلَانِ صَلَاتِهِ خِلَافٌ يُذْكَرُ فِي بَابِ سُجُودِ السَّهْوِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَيُسْتَحَبُّ عِنْدَ الِاعْتِدَالِ رَفْعُ الْيَدَيْنِ حَذْوَ الْمَنْكِبَيْنِ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ صِفَةِ الرَّفْعِ، وَيَكُونُ ابْتِدَاءُ رَفْعِهِمَا، مَعَ ابْتِدَاءِ رَفْعِ الرَّأْسِ.
فَإِذَا اعْتَدَلَ قَائِمًا حَطَّهُمَا، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ فِي ارْتِفَاعِهِ لِلِاعْتِدَالِ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. فَإِذَا اسْتَوَى قَائِمًا، قَالَ: رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، أَوْ: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَاوَاتِ، وَمَلْءَ الْأَرْضِ، وَمَلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ.
يَسْتَوِي فِي اسْتِحْبَابِ هَذَيْنِ الذِّكْرَيْنِ الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ وَالْمُنْفَرِدُ، وَيُسْتَحَبُّ لِغَيْرِ الْإِمَامِ وَلَهُ إِذَا رَضِيَ الْقَوْمُ أَنْ يَزِيدَ، فَيَقُولُ: أَهَّلُ الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ، حَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ، كُلُّنَا لَكَ عَبْدٌ، لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِي لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ، وَيُكْرَهُ لِلْإِمَامِ هَذِهِ الزِّيَادَةُ إِلَّا بِرِضَاهُمْ.
قُلْتُ: هَكَذَا يَقُولُهُ أَصْحَابُنَا فِي كُتُبِ الْمَذْهَبِ: حَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ، كُلُّنَا لَكَ عَبْدٌ، وَالَّذِي فِي (صَحِيحِ مُسْلِمٍ) وَغَيْرِهِ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، كَانَ يَقُولُ: أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ، وَكُلُّنَا لَكَ عَبْدٌ. بِزِيَادَةِ أَلْفٍ فِي (أَحَقُّ) وَوَاوٍ فِي (وَكُلُّنَا) وَكِلَاهُمَا حَسَنٌ. لَكِنْ مَا ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ أَوْلَى.
قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ ﵏: وَلَوْ قَالَ مَنْ حَمِدَ اللَّهَ: سَمِعَ لَهُ، بَدَلَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، أَجْزَأَهُ، وَلَكِنَّ الْأَوْلَى: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ: يَقُولُ فِي الرَّفْعِ: رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، وَإِنْ شَاءَ قَالَ: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، أَوْ: لَكَ الْحَمْدُ رَبَّنَا.
وَالْأَوَّلُ أَوْلَى. قَالَ صَاحِبُ (الْحَاوِي): يَجْهَرُ الْإِمَامُ بِـ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، وَيُسِرُّ بِـ: رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، وَيُسِرُّ الْمَأْمُومُ بِهِمَا
1 / 252