220

Rawḍat al-Ṭālibīn wa-ʿUmdat al-Muftīn

روضة الطالبين وعمدة المفتين

Investigator

زهير الشاويش

Publisher

المكتب الإسلامي

Edition Number

الثالثة

Publication Year

1412 AH

Publisher Location

بيروت

وَالْجِهَةِ الْوَاحِدَةِ، فَإِنْ أَوْجَبْنَا عَلَى الْمُجْتَهِدِ رِعَايَةَ ذَلِكَ، فَهُوَ كَالِاخْتِلَافِ فِي الْجِهَةِ، فَلَا يَقْتَدِي أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ، وَإِلَّا فَلَا بَأْسَ، وَلَوْ شَرَعَ الْمُقَلِّدُ فِي الصَّلَاةِ بِالتَّقْلِيدِ فَقَالَ لَهُ عَدْلٌ أَخْطَأَ بِكَ فُلَانُ فَلَهُ حَالَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ عَنِ اجْتِهَادٍ. فَإِنْ كَانَ قَوْلُ الْأَوَّلِ أَرْجَحَ عِنْدِهِ لِزِيَادَةِ عَدَالَتِهِ أَوْ هِدَايَتِهِ لِلْأَدِلَّةِ أَوْ مِثْلِهِ، أَوْ لَمْ يَعْرِفْ هَلْ هُوَ مِثْلُهُ أَمْ لَا؟ لَمْ يَجِبِ الْعَمَلُ بِقَوْلِ الثَّانِي، وَهَلْ تَجُوزُ الْعَمَلُ بِهِ؟ يَبْنِي عَلَى أَنَّ الْمُقَلِّدَ إِذَا وَجَدَ مُجْتَهِدَيْنِ، هَلْ يَجِبُ الْأَخْذُ بِأَعْلَمِهِمَا، أَمْ يَتَخَيَّرُ؟ فَإِنْ قُلْنَا: بِالْأَوَّلِ لَمْ يَجُزْ وَإِلَّا فَفِيهِ خِلَافٌ.
قُلْتُ: الصَّحِيحُ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَإِنْ كَانَ الثَّانِي أَرْجَحَ، فَهُوَ كَتَغَيُّرِ اجْتِهَادِ الْبَصِيرِ، فَيَنْحَرِفُ، وَيَجِئُ الْخِلَافُ فِي أَنَّهُ يَبْنِي، أَمْ يَسْتَأْنِفُ؟ وَلَوْ قَالَ لَهُ الْمُجْتَهِدُ الثَّانِي بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الصَّلَاةِ، لَمْ يَلْزَمِ الْإِعَادَةَ قَطْعًا وَإِنْ كَانَ الثَّانِي أَرْجَحَ، كَمَا لَوْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ.
الْحَالُ الثَّانِي: أَنْ يُخْبِرَ عَنْ عِلْمٍ وَمُعَايَنَةٍ، فَيَجِبُ الرُّجُوعُ إِلَى قَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ قَوْلُ الْأَوَّلِ أَقْوَى عِنْدِهِ، وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ، أَنْ يَقُولَ لِلْأَعْمَى: أَنْتَ مُصَلٍّ إِلَى الشَّمْسِ، وَالْأَعْمَى يَعْلَمُ أَنَّ قِبْلَتَهُ إِلَى غَيْرِ الشَّمْسِ، فَيَلْزَمُ الِاسْتِئْنَافَ عَلَى الْأَظْهَرِ.
وَلَوْ قَالَ الثَّانِي: أَنْتَ عَلَى الْخَطَأِ قَطْعًا، وَجَبَ قَبُولُهُ قَطْعًا، وَسَوَاءٌ أَخْبَرَهُ هَذَا الْقَاطِعُ بِالْخَطَأِ عَنِ الصَّوَابِ، مُتَيَقِّنًا أَوْ مُجْتَهِدًا، يَجِبُ قَبُولُهُ؛ لِأَنَّ تَقْلِيدَ الْأَوَّلِ بَطَلَ بِقَطْعِ هَذَا.
وَكُلُّ الْمَذْكُورِ فِي الْحَالَيْنِ، مَفْرُوضٌ فِيمَا إِذَا أَخْبَرَ الثَّانِي بِالْخَطَأِ وَالصَّوَابِ جَمِيعًا. فَإِنْ أَخْبَرَهُ عَنِ الْخَطَأِ وَحْدَهُ، عَلَى صُورَةٍ يَجِبُ قَبُولُهَا، وَلَمْ يُخْبِرْ هُوَ وَلَا غَيْرُهُ بِالصَّوَابِ، فَهُوَ كَاخْتِلَافِ الْمُجْتَهِدِينَ عَلَيْهِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ، وَقَدْ سَبَقَ فِي الْفَرْعِ.

1 / 222