169

Rawda Nadiyya

الروضة الندية

Publisher

دار المعرفة

للزم في صلاة الفرائض الخمس أن لا تصح إلا جماعة لأنه ﷺ لم يؤدها إلا في جماعة. إذا تقرر هذا فالاقتصار في الاستدلال لصحة صلاة الجنازة فرادى على ما ذكرناه مغن عن غيره فإن تحقيق إجماع الصحابة على تجويز الصلاة عليه ﷺ عند موته فرادى ممنوع لأنهم قد تفرقوا بعض تفرق في تلك الحال، وإن كان الباقون في المدينة جمهورهم وأكابرهم ثم لو فرض الإجماع على ذلك فهو إجماع سكوتي وانتهاضه للاحتجاج فيه ما لا يخفى على عارف بالأصول ثم هذا مبني على صدور ذلك ولم يرد إلا بإسناد ضعيف أنهم فعلوا ذلك، وأما ما يقال أنه ﷺ أوصاهم بأن يصلوا عليه فرادى ففي إسناده عند المنعم بن إدريس وهو كما قيل كذاب وصرح بعض الحفاظ بأن الحديث موضوع، "ولا يصلى على الغال١" لامتناعه ﷺ في غزاة خبير من الصلاة على الغال كما أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه. "وقاتل نفسه" لحديث جابر بن سمرة عند مسلم وأهل السنن أن رجلا قتل نفسه بمشاقص٢ فلم يصل عليه النبي ﷺ. "والكافر" وذلك هو المعلوم منه ﷺ فإنه لم ينقل عنه أنه صلى على كافر وقد صرح بذلك القرآن الكريم قال الله ﷿: ﴿وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ﴾ . "والشهيد" وقد اختلفت الروايات في ذلك وقد ثبت في صحيح البخاري من حديث جابر: أن النبي ﷺ لم يصل على شهداء أحد. وأخرجه أيضا أهل السنن وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي والحاكم من حديث أنس أنه ﷺ لم يصل عليهم. أقول: لا يشك من له أدنى إلمام بفن الحديث أن أحاديث الترك أصح إسنادا وأقوى متنا حتى قال بعض الأئمة إنه كان ينبغي لمن عارض أحاديث النفي بأحاديث الإثبات أن يستحي على نفسه. لكن الجهة التي جعلها المجوزون وجه ترجيح وهي الإثبات لا ريب أنها من المرجحات الأصولية إنما الشأن في صلاحية أحاديث الإثبات لمعارضة أحاديث النفي لأن الترجيح فرع المعارضة. والحاصل: أن أحاديث الإثبات مروية من طرق متعددة لكنها جمعيا متكلم عليها، وقد أطال

١ هو الذي سرق من الغنيمة قبل قسمتها. ٢ جمع مشقص كمنبر نصل عريض أو طويل أو سهم فيه ذلك.

1 / 170