والدخول فيها، والخروج منها ؛ ومواقف جهاده تشهد بصحة هذه الدعوى، وكذلك قدومه في المرتين إلى الديار المصرية، وخروجه منها سالمة، وكذلك أخذه الملاك بسيفه
عفوه وحلمه :
قد آتاه الله العفو والحلم اللذين لو وقعا في زمن من تقدم مثل الأحنف ابن قیس لاستكثر منه، وأكبر شاهد على ذلك قضية الأمير علم الدين الحلبي، وما فعله معه، وكيف عفا عنه، وولاه نيابة السلطنة في حلب، وما جرى منه فيها أيضا، وحضوره أيضا إلى دمشق، وانفصاله منها على غير الصورة المرضية، وانزعاج الناس لذلك، والإفراج عما وقعت الحوطة له عليه، وهو جملة كبيرة في المرة الأولى والمرة الثانية. وبعد هذا كله أحسن اليه، وأقطعه إقطاعة بستين فارسة، واستدام الإحسان إليه، ولا أظهر له يوما من الأيام عتبا.
وكذلك أكثر خوشداشيته ما منهم إلا من فارقه وقت الحاجة اليه، ومنهم من سعى في مضرته، ولم يؤاخذ أحدة منهم، ولا عاتبه. ومن ذلك أنه لما جرى في الأيام المعزية ما جرى من انتزاح البحرية، لم يبق إلا من أخذ لمولانا السلطان إما من اقطاعه، وإما من اسطبلاته وإما من بيوته، وإما من أصحابه، ولما أعطاه الله الملك ما واخذ أحدة ولا أظهر شيئا من ذلك.
Page 75