سيف الدين بلبان الرشيدي، والأمير جمال الدين أيدغدي العزيزي، والأمير سيف الدين بهادر، وجماعة أخرى، فقعد السلطان جانبة عن الطراحة، ووقع الخلف في الحديث، فقال الأتابك : « اسمعوا يا أصحابنا ! والله لو كان الملك المظفر حية، أو له ولد له في عنقنا يمين، أول ما كنت أقاتلكم بسيفي، وإنما الساعة قد فات فيه الفوت، ولا شك أن الذي قتله، وغرر بنفسه، وفعل هذا الأمر العظيم ما فعله لغيره، ولا بذل نفسه وخاطر بها ليكون الأمر والنهي لغيره، فمن قتله فهو أحق بمكانه ». فقال السلطان : وأنا الذي فعلت هذا الأمر ». فوافق الجماعة على ذلك، فقام السلطان وجلس في الطراحة، وبقي الجماعة سكوتة ؛ فقال لبعض الجماعة الأمراء : « احلفوا ! » فقال الأتابك للسلطان : « هؤلاء الجماعة أكثرهم بطالون، وقد خرجوا من شدة وإنما السلطان يحلف لهم أنه يواسيهم بما تصل قدرته إليه، في عاجل الوقت، وبعد ذلك يحلفون للسلطان ». فأعجب هذا الحديث الجماعة، وحلف السلطان لهم، وحلفوا بعد ذلك، وحلف الناس إلى بعد العصر.
هذا ما أخبرني به الأتابك، قال : « والتفت إلى السلطان فقلت : والمصلحة الركوب ». فقال السلطان : «نقعد حتى تحضر بقية الأمراء المتأخرين في الطريق ونكمل حلفهم ». قال : قلت : «ان تأخر السلطان ارتأى الناس وتشاوروا، ولكل أحد غرض وهوى، والمصلحة ركوب السلطان وسوقه، يعتقد ناس أن السلطان سبق، ويعتقد آخرون أنه تأخر والأمراء يقولون هو مع الحلقة، والحلقة يقولون هو مع الأمراء، وكل أحد يشتغل بحفظ قماشه وخیله، ويقصد تعجيل الحضور إلى بيته لحفظه ». فلما سمع السلطان ذلك ركب في جماعة، وساق ليله كله.
Page 69