وتوالت أخبار العدو بقصد الشام، وصار كل أحد لا تحدثه نفسه إلا بالهروب، والسلطان يعرض نفسه على الملك الناصر، ويقول : «لو جهزت معي عسكرة فيه ثلاثة آلاف فارس سقت إلى العدو، إلى المكان الذي هم فيه ». وكان الخبر أنهم على بالس، وأنهم في ثمانية آلاف فارس، فلم يقبل ذلك منه، ولم يزد الملك الناصر دعاء الناس إلا فرارا، ولا نصحهم إلا نفارا.
وخرج الملك الناصر فنزل إلى برزة، وجعل يتشاغل فيما لا يفيد،
أنه يقسم أوقاته بين رماح تقوم، وأجناد تستخدم، وسيوف تصقل، وجواشن تعمل، وخيول تنقل، وعساكر تجرد، وسهام تسدد، وطلائع تبعث إلى العدو، وعيون تسير في الرواح والغدر، وأموال تنفق، وأنعام تطلق ؛ فلما رأى مماليكه أن أحواله لا تسفر عن صلاح، ولا تقبل على فلاح، عزموا على إمسا که مرارة .
Page 62