191

Al-Rawḍ al-ʾAnuf fī sharḥ al-sīra al-nabawiyya

الروض الأنف في شرح السيرة النبوية

Publisher

دار إحياء التراث العربي

Edition

الأولى

Publication Year

١٤١٢ هـ

Publisher Location

بيروت

وَيَسْمَعُ مِنْهُ حَتّى أَسْلَمَ، فَوَحّدَ اللهَ وَعَبَدَهُ، وَجَعَلَ يَسْأَلُهُ عَنْ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ حَتّى إذَا فَقِهَ فِيهِ جَعَلَ يَسْأَلُهُ عَنْ الِاسْمِ الْأَعْظَمِ- وكان يعلمه- فكتمه إياه وقال له: يابن أَخِي إنّك لَنْ تَحْمِلَهُ، أَخْشَى عَلَيْك ضَعْفَك عَنْهُ- وَالثّامِرُ أَبُو عَبْدِ اللهِ لَا يَظُنّ إلّا أَنّ ابْنَهُ يَخْتَلِفُ إلَى السّاحِرِ كَمَا يَخْتَلِفُ الْغِلْمَانُ، فَلَمّا رَأَى عَبْدُ اللهِ أَنّ صَاحِبَهُ قَدْ ضَنّ بِهِ عَنْهُ، وَتَخَوّفَ ضَعْفَهُ فيه، عمد إلى قداح فَجَمَعَهَا، ثُمّ لَمْ يُبْقِ لِلّهِ اسْمًا يَعْلَمُهُ إلّا كتبه فى قدح، لكلّ اسم قدح، حتى إذا أحصاها أو قد لَهَا نَارًا، ثُمّ جَعَلَ يَقْذِفُهَا فِيهَا قِدْحًا قِدْحًا، حَتّى إذَا مَرّ بِالِاسْمِ الْأَعْظَمِ قَذَفَ فِيهَا بِقِدْحِهِ، فَوَثَبَ الْقِدْحُ حَتّى خَرَجَ مِنْهَا لَمْ تَضُرّهُ شَيْئًا. فَأَخَذَهُ ثُمّ أَتَى صَاحِبَهُ، فَأَخْبَرَهُ بِأَنّهُ قَدْ عَلِمَ الِاسْمَ الّذِي كَتَمَهُ، فَقَالَ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: هُوَ كَذَا وَكَذَا، قال: وكيف علمته؟ فَأَخْبَرَهُ بِمَا صَنَعَ، قَالَ:
أَيْ ابْنَ أَخِي، قَدْ أَصَبْتَهُ فَأَمْسِكْ عَلَى نَفْسِك، وَمَا أَظُنّ أن تفعل.
ــ
وَأَعْجَبُ مَا قِيلَ فِيهِ: إنّهُ ضَبّةُ بْنُ أدّ بن طابخة قاله النقاش، ولا يصح، وهى مسئلة اخْتَلَفَ فِيهَا الْعُلَمَاءُ، فَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إلَى تَرْكِ التّفْضِيلِ بَيْنَ أَسْمَاءِ اللهِ تَعَالَى، وَقَالُوا: لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَائِهِ أَعْظَمَ مِنْ الِاسْمِ الْآخَرِ، وَقَالُوا: إذَا أَمَرَ فِي خَبَرٍ، أَوْ أَثَرَ ذِكْرَ الِاسْمِ الْأَعْظَمِ، فَمَعْنَاهُ: الْعَظِيمُ؛ كَمَا قَالُوا: إنّي لَأُوجِلَ أَيْ: وَجِلًا، وَكَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ فِي أَكْبَرِ مِنْ قَوْلِك: اللهُ أَكْبَرُ: إنّ أَكْبَرَ بِمَعْنَى كَبِيرٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَوْلُ سِيبَوَيْهِ، وَذَكَرُوا أَنّ أَهْوَنَ بِمَعْنَى: هَيّنٍ مِنْ قَوْلِهِ ﷿: (وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ) [الرّومُ: ٢٧] وَأَكْثَرُوا الِاسْتِشْهَادَ عَلَى هَذَا وَنَسَبَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ بَطّالٍ هَذَا الْقَوْلَ إلَى جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ: ابْنُ أَبِي زَيْدٍ، وَالْقَابِسِيّ وَغَيْرُهُمَا، وَمِمّا احْتَجّوا بِهِ أَيْضًا: أَنّ رَسُولَ اللهِ- ﷺ لَمْ يَكُنْ لِيُحَرّمَ الْعِلْمَ بِهَذَا الِاسْمِ، وَقَدْ عَلِمَهُ مَنْ هُوَ دُونَهُ مَنْ لَيْسَ بِنَبِيّ؛

1 / 197