128

Al-Rawḍ al-ʾAnuf fī sharḥ al-sīra al-nabawiyya

الروض الأنف في شرح السيرة النبوية

Publisher

دار إحياء التراث العربي

Edition

الأولى

Publication Year

١٤١٢ هـ

Publisher Location

بيروت

[حديث ربيعة بن نصر ورؤياه]
[رؤيا ربيعة:]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَكَانَ رَبِيعَةُ بْنُ نَصْرٍ مَلِكُ الْيَمَنِ بَيْنَ أَضْعَافِ مُلُوكِ التّبَابِعَةِ، فَرَأَى رُؤْيَا هَالَتْهُ، وَفَظِعَ بِهَا، فَلَمْ يَدَعْ كَاهِنًا، وَلَا سَاحِرًا، وَلَا عَائِفًا، وَلَا مُنَجّمًا مِنْ أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ إلّا جَمَعَهُ إلَيْهِ، فَقَالَ لَهُمْ: إنّي قَدْ رَأَيْت رُؤْيَا هَالَتْنِي، وَفَظِعْتُ بِهَا، فَأَخْبِرُونِي بِهَا وَبِتَأْوِيلِهَا، قَالُوا لَهُ:
اُقْصُصْهَا عَلَيْنَا نُخْبِرْك بِتَأْوِيلِهَا، قَالَ: إنّي إنْ أَخْبَرْتُكُمْ بِهَا لَمْ أَطْمَئِنّ إلَى خَبَرِكُمْ عَنْ تَأْوِيلِهَا، فَإِنّهُ لَا يَعْرِفُ تَأْوِيلَهَا إلّا مَنْ عَرَفَهَا قَبْلَ أَنْ أُخْبِرَهُ بِهَا، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ: فَإِنْ كَانَ الْمَلِكُ يُرِيدُ هَذَا فَلْيَبْعَثْ إلَى سَطِيحٍ وَشِقّ، فَإِنّهُ لَيْسَ أَحَدٌ أَعْلَمَ مِنْهُمَا، فهما يخبر انه بما سأل عنه.
ــ
فَجَلَسَ، وَكَانَ شِقّ شِقّ إنْسَانٍ- فِيمَا يَذْكُرُونَ- إنّمَا لَهُ يَدٌ وَاحِدَةٌ، وَرِجْلٌ وَاحِدَةٌ، وَعَيْنٌ وَاحِدَةٌ، وَيُذْكَرُ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبّهٍ «١» أَنّهُ قَالَ: قِيلَ لِسَطِيحِ: أَنّى لَك هَذَا الْعِلْمُ؟ فَقَالَ: لِي صَاحِبٌ مِنْ الْجِنّ اسْتَمَعَ أَخْبَارَ السّمَاءِ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ حِينَ كَلّمَ اللهُ تَعَالَى مِنْهُ مُوسَى- ﵇ فَهُوَ يُؤَدّي إلىّ من ذلك ما يؤدّيه.

(١) كان ممن يروجون قصص الماضين. يقول عنه ابن خلكان «كانت له معرفة بأخبار الأوائل، وقيام الدنيا وأحوال الأنبياء» توفى سنة ١١٠ أو ١١٤ أو ١١٦. لكنى أسأل. من أين كان يأتى بهذه الأخبار التى لا توجد فى كتاب الله؟ لقد كان وهب فى أول أمره يهوديا، وبهؤلاء وجدت الخرافة الكافرة لها طريقا إلى القلوب. وكل ما يقال عن شق من قدرة على معرفة الغيب، وهذه الأوصاف الجسدية التى لا تعقل، ولا تستقيم مع سنن الفطرة البشرية. كل هذا هراء من الإفك وخبث من الكيد الدنئ يراد به القضاء على الفكر والدين.

1 / 134