269

Al-Rawḍ al-Muʿaṭṭar fī khabar al-aqṭār

الروض المعطار في خبر الأقطار

Editor

إحسان عباس

Publisher

مؤسسة ناصر للثقافة-بيروت

Edition Number

الثانية

Publication Year

١٩٨٠ م

Publisher Location

طبع على مطابع دار السراج

وتحته:
وإني على ما نابني وأصابني ... لذو مرة باق على الحدثان
فإن تعقب الأيام أظفر ببغيتي ... وإن أبق مرميًا بي الرجوان
فكم ميت همًا بغيظ وحسرة ... صبور لما يأتي به الملوان قال: فكتبت ذلك وسألت عن صاحبه فقالوا: هو رجل هوي ابنة عم له، فحبسه عمه في هذا الموضع خوفًا من فضيحة ابنته، فتجمع أهله وأخرجوه وزوجوه منها على كره من أبيها.
دير الرصافة (١):
بدمشق، قال أبو عبد الله بن حمدون: كنت مع المتوكل لما خرج إلى دمشق، فركب يومًا يتنزه في رصافة هشام بن عبد الملك فجعل يدور في قصوره وقصور ولده، ثم خرج فدخل إلى دير (٢) هناك قديم من بناء الروم بين مزارع وأنهار، فبينما هو يدور فيه بصر برقعة ملصقة فأمر أن تقلع فقلعت، فإذا فيها مكتوب:
أيا منزلًا بالدير أصبح خاليًا ... تلاعب فيه شمأل ودبور
كأنك لم يسكنك بيض أوانس ... ولم تتبختر في فنائك حور
وأبناء أملاك عباشم سادة ... صغيرهم عند الأنام كبير
إذا لبسوا أدراعهم فعوابس ... وإن لبسوا تيجانهم فبدور
ليالي هشام في الرصافة قاطن ... وفيك ابنه يا دير وهو أمير
إذ العيش غض والخلافة لدنة ... وأنت طرير والزمان غرير
وروضك مرتاض ونورك نير ... وعيش بني مروان فيك نضير
بلى فسقاك الغيث صوب غمامة ... عليك لها بعد الولي بكور
تذكرت قومي خاليًا فبكيتهم ... بشجو ومثلي بالبكاء جدير
وعذبت نفسي وهي نفس لها إذا ... جرى ذكر قومي أنة وزفير
لعل زمانًا دار يومًا عليهم ... لهم بالذي تهوى النفوس يدور
فيفرح محزون وينعم بائس ... ويطلق من ضيق الزمان (٣) أسير فلما قرأها المتوكل ارتاع لها وتطير ثم دعا بصاحب الدير فقال له: من كتب هذه الرقعة؟ قال: لا أدري والله، وأنا منذ نزل أمير المؤمنين هذا المنزل لا أملك من أمره شيئًا يدخله الجند والشاكرية وغيرهم، وغاية قدرتي أني متوار في قلايتي، فهم بضرب عنقه وإخراب الدير، فكلمه أصحابه إلى أن سكن غيظه، ثم بان بعد ذلك أن الذي كتب الأبيات رجل من ولد روح بن زنباع الجذامي كانت أمه من موالي هشام بن عبد الملك.
دير ميسون:
بسر من رأى وهو مقصود لطيبه ونضرته وحسن موضعه وفيه يقول بعض الكتاب:
يا رب دير عمرته زمنًا ... ثالث قسيسه وشماسه
لا أعدم الكاس من يدي رشأ ... يزري على المسك طيب أنفاسه
كأنه البدر لاح في ظلم الل ... يل إذا حل بين جلاسه

(١) معجم ما استعجم ٢: ٢٨٠، وياقوت والمسالك ١: ٣٣٨.
(٢) ص ع: دهليز.
(٣) معجم البكري: الوثاق.

1 / 253