Al-Rawḍ al-Muʿaṭṭar fī khabar al-aqṭār
الروض المعطار في خبر الأقطار
Editor
إحسان عباس
Publisher
مؤسسة ناصر للثقافة-بيروت
Edition Number
الثانية
Publication Year
١٩٨٠ م
Publisher Location
طبع على مطابع دار السراج
غسل رجل من المسلمين فلما دخلت وكشفت عن وجهه إذا بحية في حلقه سوداء فخرجت، ثم قلت لها: أيها العبد المأمور، إن سنة نبينا ﷺ في الموتى غسلهم فانصرف حتى نقيم فيه سنة نبينا ﷺ ونعود إلى ما أمرت به، فرأيت الحية قد انسابت من تحت الإزار حتى أتت إلى ناحية البيت فتطوقت، فأخذنا في أمر الرجل، فلما فرغنا منه وأدرجناه في أكفانه وأردنا أن نعقد عقدة الرأس انسابت الحية وأنا أراها حتى دخلت بين الكفن، فتطوقت في عنق الرجل كما كانت، ثم إني سمعت صوتًا مثل صوت الآدميين وهو يقول لي: يا إبراهيم بن عثمان: أجزعت مني؟ لست بحية، أنا ملك سلطني الله تعالى على هذا الرجل آكل لحمه كما كان يأكل لحوم الناس.
حوران:
جبل بالشام، قال النابغة:
بكى حارث الجولان من فقد ربه ... وحوران منه موحش متضائل وقال حسان:
إذا سلكت حوران من بطن عالج ... فقولا لها ليس الطريق هنالك وحوران أيضًا من أعمال دمشق، ومدينتها بصرى، تسير في صحراء حوران عشرة فراسخ في منازل ومزارع حتى تصل إلى مدينة بصرى، وهي مدينة حوران، وفي شرقي هذه المدينة بحيرة فيها تجتمع مياه دمشق وتسير منها في صحراء ورمال مقدار خمسة عشر فرسخًا فتدخل دمشق.
الحوأب:
بزيادة همزة بين الواو والباء، ماء قريب من البصرة على طريق مكة، وهو الذي مرت به عائشة ﵂ في توجهها إلى البصرة يوم الجمل، فلما انتهوا بها في الليل إلى ماء لبني كلاب يعرف بالحوأب نبحت كلابهم الركب، فقالت عائشة ﵂: ما اسم هذا الموضع؟ فقال السائق لجملها: هذا الحوأب، فاسترجعت وذكرت ما قيل لها في ذلك وقالت: إني لهيه، قد سمعت رسول الله ﷺ يقول: " ليت شعري أيتكن تنبحها كلاب الحوأب "، وفي رواية أنه ﷺ قال لها: " لعلك صاحبة الجمل الأذنب تنبحها كلاب الحوأب "، وقالت لهم: ردوني إلى حرم رسول الله ﷺ، لا حاجة لي في المسير، فقال الزبير ﵁: بالله ما هذا الحوأب، ولقد غلط فيما أخبرك به، وكان طلحة ﵁ في ساقة الناس فلحقها وأقسما أن ذلك ليس بالحوأب، وشهد معهما خمسون ممن كان معهما، فكان ذلك أول شهادة زور أقيمت في الإسلام.
وكتبت (١) أم سلمة زوج النبي ﷺ إلى عائشة أم المؤمنين ﵄ إذ عزمت على الخروج إلى الجمل: من أم سلمة زوج النبي ﷺ إلى عائشة أم المؤمنين، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد فإنك سدة بين رسول الله ﷺ وبين أمته، حجابك مضروب على حرمته، وقد جمع القرآن ذيولك فلا تسحبيها، وسكن عقائرك فلا تقدحيها (١) فالله من وراء هذه الأمة، لو علم رسول الله ﷺ أن النساء يحتملن الجهاد عهد إليك، أما ترين أنه قد نهاك عن الفراطة في الدين، فإن عمود الدين لا يثبت بالنساء إن مال ولا يرأب بهن إن انصدع، جهاد النساء غض الأطراف وضم الذيول. ما كنت قائلة لرسول الله ﷺ لو عارضك ببعض هذه الفلوات ناصة قعودك من منهل إلى منهل، وغدًا تردين على رسول الله ﷺ، وأقسم لو قيل لي يا أم سلمة ادخلي الجنة لاستحييت أن ألق رسول الله ﷺ هاتكة حجابًا ضربه علي. فاجعليه سترك وقاعة البيت حسبك (٣)، فإنك أنصح ما تكونين لهذه الأمة ما قعدت عن نصرتهم، ولو أني حدثتك بحديث سمعته من رسول الله ﷺ لنهشت نهش الحية الرقشاء المطرقة والسلام.
فأجابتها عائشة ﵂: من عائشة أم المؤمنين إلى أم سلمة، سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد فما أقبلني لوعظك وأعرفني بحق نصيحتك، وما أنا بمعتمرة بعد تعريج، ولنعم المطلع مطلع فرقت فيه بين فئتين متشاجرتين، فإن أقعد فعن غير حرج، وإن أمض فإلى ما لا غنى لي عن الازدياد منه، والسلام.
واستمرت عائشة ﵂ على المشي إلى أن انتهت إلى
(١) انظر العقد ٤: ٣١٦، وبلاغات النساء: ١٠ - ١١، ويقال إن كلثوم بن عمرو العتابي هو الذي صنع هذه المكاتبة والرد عليها.
(١) انظر العقد ٤: ٣١٦، وبلاغات النساء: ١٠ - ١١، ويقال إن كلثوم بن عمرو العتابي هو الذي صنع هذه المكاتبة والرد عليها.
(٣) العقد: وقاعة البيت حصنك.
1 / 206