57

Rawḍ al-jinān fī sharḥ Irshād al-adhhān

روض الجنان في شرح إرشاد الأذهان

منها إلخ وأما لان رفع أحدها يقتضى رفع القدر المشترك بينها لتوقف الخصوصية على رفع الجميع إذ ليس المراد ارتفاع حقيقة الخارج أو الحاصل بل رفع حكمه وهو شئ واحد تعددت أسبابه وإذا كان كذلك في المتفق فلم لا جاز في المختلف مع نية رفع الأكبر والأقوى أو نية الاستباحة المطلقة وإنما لم يكتف بنية رفع الحدث الأصغر خاصة على تقدير حصوله مع الأكبر لعدم دخول الأقوى تحت الأضعف ولهذا حكم جمع بعدم دخول غسل الجنابة ونحوها تحت غسل المستحاضة لغير الانقطاع والمتحيرة لضعفه باستمرار الحدث مع اشتراكهما في الأكبرية بل قيل إن غسل الجنابة يجزى عن غيره ولا يجزى غيره عنه لضعفه بافتقار رفع الحدث مطلقا إلى مجامعة الوضوء فهلا كان هنا كذلك مع ما بين الحدثين من الاختلاف حكما وقوة وأما القول بأن اللازم من رفع تأثير ما مضى من الغسل وجوب الوضوء خاصة لا إعادة الغسل فقد أشرنا في أول الكلام إلى جوابه بالاجماع على عدم مجامعة الوضوء الواجب لغسل الجنابة وإلا لم يكن لنا عنه عدول ولهذا يكتفى بإعادة الوضوء لو عرض الحدث الأصغر في أثناء غسل يجامعه الوضوء على تقدير تقدمه عليه أو يكتفى بإكمال الغسل مع الوضوء إن لم يكن تقدم وقد يتخيل الإعادة هنا وطرد الخلاف بناء على أن كل واحد من الوضوء والغسل مؤثر ناقض في رفع الحدث مطلقا بتقريب الدليل المتقدم ويندفع بمنع ذلك للاجماع على جواز الصوم بالغسل خاصة مع توقفه على رفعه الحدث الأكبر غير المس وكذا على جواز دخول المساجد وقراءة العزائم وغيرهما مما لا يتوقف جوازه على رفع الحدث الأصغر وما يتوقف على الوضوء كالصلاة ومس كتابة القرآن ونحوها يتوقف على الوضوء مع الغسل وهذا يدل على أن الوضوء ليس له صلاحية التأثير فيما يتوقف على الغسل خاصة هنا ولا جزا من المؤثر فيه فعلم منه إن حدث الغسل المكمل بالوضوء موجب للوضوء والغسل معا فكان قائما مقام الأصغر والأكبر معا وكل واحد من الوضوء والغسل الرافعين له منصرف إلى موجبه إلا أن لكل واحد منهما مدخلا في رفع كل منهما وربما بالغ بعضهم في تعدية حال الإعادة هنا وطرد الخلاف إلى ما لو وقع الحدث الأصغر بعد الغسل قبل الوضوء بناء على ما قررناه من اشتراك الطهارتين في التأثير في الحدثين وهو باطل قطعا لما قلناه وقوله أن نقض الغسل بهذا الحدث يستلزم كونه موجبا للغسل ضعيف جدا أما أولا فلانه لم يحصل مسمى الغسل بعد حتى يقال أنه نقض الغسل وإنما يتم ذلك لو كمل وهو عين المتنازع ولو فرض لم ينقضه إجماعا وإنما حكم بنقض بعض الغسل فلا يتم المدعى واحتج المصنف على مذهبه من وجوب الإعادة بأن الحدث الأصغر لو تعقب كمال الغسل أبطل حكم الاستباحة ففي إبعاضه أولى فلا بد من تجديد طهارة لها وهو الآن جنب إذ لا يرتفع إلا بكمال الغسل فيسقط اعتبار الوضوء وهو دليل واضح وعبارته التي حكيناها هنا منقحة وهي عبارته في النهاية وقد عبر في المخ عن هذا الدليل بلفظ لا يخلو ظاهره من مناقشة وحاصله إن الحدث المذكور لو وقع بعد الغسل بكماله أبطله فأبعاضه أولى بالبطلان يعيده وأورد عليه بعض المحققين منع الصغرى بأن الحدث الأصغر لو أبطل الغسل لأوجبه لاشتراك الناقض والموجب في الحكم ومنع مساواة ما بعد الاكمال لما قبله لأنه بعد الاكمال ارتفع الحدث فأمكن طرو حدث آخر بخلاف الأثناء وبأن أثر الأصغر إنما هو الوضوء فلو سلم تأثيره كان اللازم الوضوء خاصة وجواب الأول أنه عنى بالابطال إبطال الاستباحة التي هي غايته وهو استعمال شايع وقد صرح به في العبارة التي حكيناها عنه من النهاية وقد تقدم جواب الثاني فإن الأصل في الحدث التأثير حيث ما وقع والاجتزاء بالغسل عنه مع الجنابة للنص لا يرفع ما ثبت له من الحكم والأصل في الحدث الأصغر إيجاب الوضوء لكن امتنع هنا للاجماع على عدمه في غسل الجنابة وقد تقدم تحقيق ذلك واحتج في الذكرى بنحو ما ذكرناه وحاصله أن الحدث لا يخلو عن أثر ما مع تأثيره بعد الكمال

Page 58