112

Rawd Akhyar

روض الأخيار المنتخب من ربيع الأبرار

Publisher

دار القلم العربي

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٣ هـ

Publisher Location

حلب

بيننا وبينهم أن يجلسوا على حائط فيقرأ عليهم القرآن من أوّله إلى آخره، فإن صعقوا فهم كما قالوا. قيل لعائشة ﵂: إنّ قوما إذا سمعوا القرآن صعقوا. فقالت: القرآن أكرم من أن ينزف من عقول الرجال، ولكنه كما قال الله تعالى: تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ
«١» . قال ابن السّماك للمتصوّفة: إن كان لباسكم هذا موافقا لسرائركم فقد أحببتم أن يطّلع الناس على سرائركم، وإن كان مخالفا فقد هلكتم. عمر ﵁: من أظهر للناس خشوعا فوق ما في قلبه فإنما أظهر نفاقا على نفاق.
الحسن: إن قوما جعلوا تواضعهم في ثيابهم، وكبرهم في صدورهم، حتى لصاحب المدرعة «٢» بمدرعته أشدّ فرحا من صاحب المطرقة بمطرقته. قيل لبعضهم: بع جبّتك، فقال: إذا باع الصياد شبكته فبأيّ شيء يصيد؟. دخل محمد بن كعب على سليمان بن عبد الملك، فقال: ما هذه الثياب الرّثة؟
فقال: أكره أن أقول لزهد، فأطري نفسي، أو أقول لفقر فأشكو ربّي. أبو الحسين الثوريّ: التصوّف كان حالا فصار قالا «٣»، ثم ذهب الحال والقال وبقي الاحتيال. قيل: بالصوفية يضرب المثل في الأكل فيقال: آكل من الصوفية، لأنهم يعتادون بكثرة الأكل وعظم اللقمة وجودة القضم، ويأكلون أكل الغنيمة.
سئل بعض العلماء عن التصوّف فقال: أكلة ورقصة. وقيل فيهم:
جماعة نذلة خسيسه ... همّتها الرقص والهريسه
وقيل:
أيا جيل التصوّف شرّ جيل ... لقد جئتم بأمر مستحيل!

1 / 116