121

Rawae'a Al-Bayan Tafsir Ayat Al-Ahkam

روائع البيان تفسير آيات الأحكام

Publisher

مكتبة الغزالي - دمشق

Edition Number

الثالثة

Publication Year

١٤٠٠ هـ - ١٩٨٠ م

Publisher Location

مؤسسة مناهل العرفان - بيروت

Genres

الله ﷿ يريد أن يعمرها بالسكان، ويجعل هذه البقعة المباركة مكانًا لبناء بيته العتيق، ومهوى لأفئدة الملايين من البشر. وكان إسماعيل طفلًا رضيعًا، فلما أراد إبراهيم ﵇ الرجوع، تبعته (أم إسماعيل) فقالت: يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا في هذا المكان الفقير، الذي لا أنيس فيه ولا سمير!؟ فجعل لا يلتفت إليها مخافة أن تصرفه عن تنفيذ أمر الله، ثم قالت يا إبراهيم: آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم، قالت: إذًا لا يضيّعنا الله. ثم رجعت وانطلق إبراهيم ﵇، حتى إذا كان عند الثنيّة بحيث يراهم ولا يرونه، استقبل بوجهه جهة البيت ثم دعا بهذه الدعوات المباركات، التي ذكرها القرآن الكريم ﴿رَّبَّنَآ إني أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ المحرم رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصلاة فاجعل أَفْئِدَةً مِّنَ الناس تهوي إِلَيْهِمْ وارزقهم مِّنَ الثمرات لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ﴾ [إبراهيم: ٣٧] . ثم انطلق يقطع الصحارى والقفار، حتى عاد إلى وطنه الأول في أرض فلسطين، بعد أن ترك زوجه وولده في رعاية الله وحفظه. بقيت (أم إسماعيل) وحيدة مع طفلها ترضعه، وتشرب من ذلك السقاء الذي معها، وتأكل من الثمر الذي تركه لها إبراهيم ﵇، حتى إذا نفذ ما في السقاء، ولم يبق عندها ماء، عطشت عطشًا شديدًا، وعطش ولدها (إسماعيل) فجعلت تنظر إليه يتلوّى من شدة العطش، يكاد يهلكه الظمأ، فانطلقت تفتش له عن ماء، فوجدت الصفا أقرب جبل يليها، فقامت عليه ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحدًا؟ ولكنها لم تر أحدًا، فهبطت من الصفا ثم سعت سعي الإنسان المجهود حتى وصلت إلى المروة فلم تر أحدًا، فأخذت تهرول وتسعى بين (الصفا والمروة) سبع مرات.

1 / 143