والرغبة والرهبة، وغير ذلك من أنواع العبادة التي ذكر الله في كتابه العزيز أمرا وترغيبا للعباد أن يعبدوا بها ربهم وحده. وهي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنية والظاهرة. وكل فرد من أفراد العبادة لا يستحق أن يقصد به إلا الله وحده، فمن صرفه لغير الله فقد أشركه في حق الله الذي لا يصلح لغيره، وجعل له ندا. وقد عمت البلوى بهذا الشرك الأكبر، بأرباب القبور، والأشجار، والأحجار، واتخذوا ذلك دينا زعموا أن الله -تعالى- يحب ذلك ويرضاه؛ وهو الشرك الذي لا يغفره الله كما قال -تعالى-: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ ١، وقال -تعالى-: ﴿إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ﴾ ٢ وقال -تعالى- في معنى هذا التوحيد: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ﴾ ٣ أي: أمر ووصى، وهذا معنى لا إله إلا الله، فقوله: ﴿أَلاَّ تَعْبُدُوا﴾ ٤ هو معنى لا إله في كلمة الإخلاص، وقوله: ﴿إِلاَّ إِيَّاهُ﴾ ٥:هو معنى الاستثناء في لا إله إلا الله، ونظائر هذه الآية في القرآن كثير كما سنذكر بعضه.
وقال -تعالى-: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَدًا﴾ ٦: وهذا نهي عام يتناول كل مدعو من ملك أو نبي أو غيرهما، فإن أحدا نكرة في سياق النهي، وهي تعم. وأمثال هذه الآية كثير، كقوله -تعالى-: ﴿قلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا﴾ ٧. وفي حديث معاذ الذي في الصحيحين: "فإن حق الله على العباد: أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا" ٨ وفيهما -أيضا-: "من مات وهو يدعو لله ندا دخل النار" ٩.
وإخلاص العبادة لله -تعالى- هو التوحيد الذي جحده المشركون قديما وحديثا، ولما قال رسول الله-ﷺ لقومه وغيرهم من
_________
١ سورة النساء آية: ٤٨.
٢ سورة المائدة آية: ٧٢.
٣ سورة الإسراء آية: ٢٣.
٤ سورة الإسراء آية: ٢٣.
٥ سورة الإسراء آية: ٢٣.
٦ سورة الجن آية: ١٨.
٧ سورة الجن آية: ٢٠.
٨ البخاري: الجهاد والسير (٢٨٥٦)، ومسلم: الإيمان (٣٠)، والترمذي: الإيمان (٢٦٤٣)، وابن ماجه: الزهد (٤٢٩٦)، وأحمد (٣/٢٦٠،٥/٢٢٨) .
٩ البخاري: تفسير القرآن (٤٤٩٧)، وأحمد (١/٣٧٤،١/٤٠٢،١/٤٠٧،١/٤٦٢،١/٤٦٤) .
1 / 16