4 / 5 / 1936
أخي وشيخي إبراهيم
لا أنسى يوم كنت تشجعني فتى - عفوا ما عنيت أنك أسن مني كثيرا - ولكني أذكر بلذة أياما كنت أمر بها على «مكتبك» فتبسم لي وأعدها نعمة، وإني لا أزال أحرص على رضاك الغالي جد الحرص.
قلت في كتابك الكريم المفتتح بهذا التعبير - فلا حيا الله ولا سلم الله: «أجدت أمس كما أجدت في بعض ما كتبته قبل أمس، شأن كل كاتب وكل ناقد يصيب أحيانا ويخطئ أحيانا، وقد خرج الخطباء على الأثر من الحفلة فحييناهم، ولم تخرج معهم فنحييك.»
لم أخرج مع الخطباء؛ لأن همتي قليلة فسبقوني، واكتفيت بتسليمي عليك سلام الأحباب بعد الغياب قبل أن صعدت المنبر، ولم يدر في خلدي قط أني غير حاصل على رضاك. أما الإصابة والإجادة فحسبنا منهما الإفادة، وإنهاض أدبنا المقعد ما نستطيع. أما الخطأ - والعصمة لا أدري لمن - فليتك تدل عليه ولك من الأدب أجر غير ممنون.
يا شيخنا
حمل إلي استياءك وبلغني رسالتك الشفهية، بل نصيحتك الأخوية من حملته إياها، فشكرا، وعذرا وإن كنت تأمر فتطاع، فأنا ماض في سبيلي؛ فادع لي بالتسهيل ... فإن تقدمت بهذا الأدب خطوة صغيرة بلغت أقصى الأماني، فأنا رجل قنعان.
أما قولك أني أصبت فيما ذكرت عن جبران؛ فلك الشكر على ذلك مني ومن نزيل وادي قاديشا ومجاور الأرز، وأما إني أطلت الكلام عنه وطلبت ما ترجح أن المدرسة لا تجيبني إليه، فجوابه: إننا في زمن «مطالبات»، أولستم كذلك في المجلس؟ فإن فعلت المدرسة أحسنت، وإلا فلا حرج عليها، الزاد زادها تأكل منه ما تشاء، وتطعم ما تشاء، كما قال معن بن زائدة للأعرابي.
ثم قلت لي: «تذكر أني كنت وإياك في جانب جبران وزيدان في لجنة المعارف فلم نفلح.» إني أذكر ذلك ولا أنساه، وقد أشرت بقولي: ولم يبق في جانب جبران إلا المتهمون في دينهم مثله؛ أي أنت وأنا ومن لف لفنا ...
أما إني قلت: «إن اللجنة أبدلت المنفلوطي من جبران.» فما هكذا قلت، بل: وهكذا أقر المنفلوطي في المنهاج ونفي جبران من وطنه الذي يردد كل يوم:
Unknown page