ويغدو مجلس النواب أكثر قوة يوما فيوما، وتنقرض أسر قدماء الأقران مع الزمن، وبما أنه لا يوجد غير الأقران من يعدون أشرافا من الناحية القانونية في إنكلترة فقد عاد هذا البلد لا يشتمل على طبقة أشراف لو لم يحدث الملوك بارونات جددا في الحين بعد الحين، ويحفظوا طبقة الأقران التي خافوها كثيرا فيما مضى، فرأوا الآن أن يعارضوا بها طبقة العوام التي صارت مرهوبة جدا.
وينال جميع هؤلاء الأقران الذين يتألف المجلس الأعلى منهم ألقابهم من الملك، ولا شيء أكثر من هذا، فلا تجد واحدا من هؤلاء مالكا للأرض التي يحمل اسمها، فيلقب أحدهم بدوك دورست، مثلا من غير أن يكون مالكا لفتر من أرض دورستشاير، ويلقب آخر كونت لقرية فلا يكاد يعرف أين تقع هذه القرية، وينحصر سلطانهم في البرلمان، لا في مكان آخر.
ولا تسمعون هنا حديثا عن القضاء الأعلى والأوسط والأدنى، ولا قولا عن حق الصيد في أرض مواطن من غير أن يباح لهذا المواطن أن يطلق عيارا ناريا في حقله الخاص.
ولا يعفى أحد من دفع بعض الضرائب بسبب كونه شريفا أو قسيسا، فجميع الضرائب تعين من قبل مجلس النواب الذي يعد الأول اعتبارا مع كونه الثاني مرتبة.
أجل، يمكن السنيورات والأساقفة أن يرفضوا لائحة مجلس النواب عن الضرائب، ولكن من غير أن يباح لهم تغيير شيء فيها وذلك أنه يباح لهم أن يقبلوها أو يردوها بلا قيد، فإذا ما أيد اللوردات اللائحة ووافق عليها الملك دفع جميع الناس ما فرض عليهم، ولا يدفع أحد وفق لقبه (وهذا الدفع غير معقول)، بل وفق دخله، ولا توجد هناك جزية أو جباية مرادية،
1
بل ضريبة حقيقية مفروضة على الأرضين، وقد خمنت الأرضون كلها في عهد وليم الثالث الشهير، وقد جعلت دون ثمنها.
ولا تزال الضريبة كما هي وإن زادت غلة الأرضين، وهكذا لا يظلم أحد فيتذمر، ولا ترم رجل الفلاح بحذاء، ويأكل الفلاح خبزا أبيض، ويبدو حسن البزة، ولا يخشى زيادة عدد ماشيته، ولا ستر سقفه بآجر، فرارا من رفع ضرائبه في العام القادم، ويوجد هنا كثير من الفلاحين من يبلغ مال الواحد منهم مائتي ألف فرنك، فلا يأنف من زراعة الأرض التي أغنته والتي يعيش فيها حرا.
الرسالة العاشرة
حول التجارة
Unknown page