والرابع: أذكر فيه كيف يكون الشيء الواحد مسمى من جهة وتسمية من جهة أخرى.
وأنا اسأل الله العون على ما أنويه، والتجاوز عما عسى أن يقع من الخلل فيه، إنه ولي الفضل ومسديه، لا رب غيره.
الباب الأول: (في تبيين كيف يكون الاسم غير المسمى)
هذا النوع أشهر الأنواع الأربعة عند الجمهور؛ فلذلك قدمنا لقول فيه. اعلم أن الاسم الذي يقال: إنه غير المسمى الذي يراد به التسمية والعبارة عن المعنى الذي يروم المتكلم تقريره في نفس من يخاطب، وهذا الاسم هو المراد بقولهم للرجل: ما اسمك؟ وعرفني باسمك لأنه ليس يريد أن يعلمه بذاته ما هي؟ وإنما يلتمس منه أن يعلمه بالعبارة المعبر بها عنه، المشار بها إلى ذاته، وكذلك قولهم: محوت اسم زيد من الكتاب، وأثبت اسمه في الديوان، فالاسم في هذا كله غير المسمى اضطرارا، لأن اللفظة ليست الشخص الواقع تحتها. والاسم والتسمية في هذا الكتاب لفظان مترادفان على معنى واحد، كما يقال: سيف، وحسام، وصمصام. والاسم ههنا -. وإن كان يفيد ما تفيده التسمية - فبينهما فرق؛ وذلك أن التسميى مصدر من قولك: سميته أسميه تسمية، فأنا مسم، وهو مسمى. كذلك: سويته أسويه تسوية، فأنا مسو، وهو مسوى. والاسم ليس بمصدر، لأنه يراد به الألفاظ المعبر بها عن الأشياء، كـ"زيد" و"عمرو"، "جوهر"، و"عرض". يدلك على الفرق بينهما أن التسمية تعمل عمل الفعل والاسم لا يعمل عمل الفعل. ألا ترى أنك تقول: عجبت من تسمية "زيد" ابنه كلبا، كما تقول: عجبت من تسوية زيد الثوب، ولا تقول: عجبت من اسم زيد ابنه كلبا كما تقول: عجبت من قوت زيد عياله - بفتح القاف - فإن ضممت "القاف" لم يجز، لأن القوت - بفتح القاف - مصدر قاته، يقوته، قوتا، والقوت - بضم القاف-: الطعام نفسه، فجرى مجرى الاسم في الامتناع من العمل، لأنه نوع من أنواع الاسم.
فمما جاء من هذا الباب قوله ﵎: ﴿ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها﴾ [الأعراف ١٠: ١٨٠]. يريد التسميات. ومن ذلك قوله ﷺ: «لله
1 / 94