الأعجوبة - أبقاك الله - متى وصف الكندي قط عرق فرسه أنه أحمر؟ ! إنما قال:
(كأن دماء الهاديات بنحره ... عصارة حناء بشيب مرجل)
فشبه حمرة الصيد على صدره بحمرة الحناء على الشيب، فانتقد هذا عليه بعض أصحاب المعاني وقالوا: إنما كان يصح تشبيه حمرة الدم على صدره بحمرة الحناء على المشيب لو كان الفرس أشهب. وقد ذكر أنه كان كميتا في قوله:
(كميت يزل اللبد عن حاله متنه ... كما زلت الصفواء بالمتنزل)
فإذا صح أنه كان كميتا بطل التشبيه. فقال آخرون: إنما قال هذا لأن الفرس عرق ويبس العرق على صدره فابيض فصار لذلك كالأشهب، كما قال بشر:
(تراها من يبس الماء شبها)
فرد عليه آخرون فقالوا: قد وصف امرؤ القيس فرسه بأنه لم يعرق في قوله:
(ولم ينضج بماء فيغسل)
فبطل ما اعتذر ثم به، فرد عليهم حصماؤهم بأن قالوا: لم بنف عنه امرؤ القيس العرق في جميع الأوقات، لأن ذلك عيب في الفرس، وإنما وصفه أنه صاد قبل أن يعرق، وهذا لا يبطل أن يكون [قد] عرق، والدليل على أنه عرق بعد الصيد قوله:
1 / 74