على ما أكسبهم المعرفة، وأزال عنهم الجهالة، وأوسع من نطاق علمي الجغرافيا والتاريخ اللذين هما أساس التمدن ومركز دائرة المعارف. ولم يألُ كل سائح منهم جهدًا في تقييد ما شاهده من البلدان، واستكشفه من أحوال أهلها المادية والأدبية، حتى صارت مؤلفاتهم في ذلك عددًا عديدًا، فمنها ما هو ضمن كتب مستقلة، ومنها ما هو طي الجرائد اليومية، تسهيلًا للمطالعين، وتثقيفًا لعقولهم، فلست ترى عائلة أوروبية إلا ولديهم مجموع عظيم من ذلك، يجلبون بمطالعته أنسهم، ويوسعون بذكره دائرة أفكارهم.
ولما مَنَّ الله على الضعيف بالرحلة إلى بلاد أوروبا، والمكث في مدينة برلين عاصمة الإمبراطورية الألمانية لاكتساب الفنون والعلوم، رأيت من طبعي نزوعًا إلى السياحة والتَّجَوُّل في بلاد ألمانيا مدة المسامحة لأتعرّف أحوال أمَّته المعاشية
والأدبية، تطبيقًا للعلم على العمل، وتأكيدًا للسماع بالنظر. وقد أكرمتني لذلك نظارة المعارف المصرية الجليلة بمدِّ يدِ المساعدة، حيث شملتني عناية مؤسس دعائمها قديمًا وحديثًا سعادة وزيرها الأفخم علي مبارك باشا لازالت أبناء المعارف تبتسم عن شكر أياديه، ولا بَرِح الإقبال طوع أيديه.
1 / 316