بسم الله الرحمن الرحيم
حمدًا لك أنشأتَ الكونَ فأبدعتَ، وخلقتَ الخلقَ فأحسنتَ، مهدتَ الأرضَ ورفعتَ السماءَ، وأقمتَ الأعلامَ، وأجريتَ الماءَ، وشكرًا لك على ما هديتنا إلى المحجة البيضاء، والصراط السواء، وصلاة وسلامًا منك على رسولك الجامع لشتات الجامعة، من الأقطار الشاسعة، وآله وأصحابه، وأتباعه وأحبابه.
وبعد، فأخبركم سادتي، وكلكم خبير بثمرات التجول في الأقطار، وملازمة عصا التَّسيار. هو السفر طالما أسفر عن عجائب، وهو الترحال كثر ما أعرب من غرائب، يدرِّبُ الإنسان ويشحذ الأذهان، وجدير بمن تحمَّل رعائبه، أن ينال رغائبه، ولو لم يكن نعمة عظمى لما منَّ سبحانه على أمَّة قريش بإيلافهم رحلة الشتاء والصيف، فآمن من خوفهم، وأطعم من جوعهم.
وقد انتبه لفوائده أمة أوروبا فساحوا في الأقطار، وجاسوا خلال البلاد والديار. فمنهم المشرِّقُ ومنهم المغرِّبُ، يتسنمون نجدًا، ويتحدرون غورًا، دائبين على استكشاف البقاع ومعرفة أحوال الأمم على اختلاف طبائعها وعوائدها، فحصلوا من ذلك
1 / 315