تقديم عن طبعة المجلس الأعلى للثقافة بمصر
رحلة حسن أفندي توفيق العدل (١٨٨٧ - ١٨٩٢)
تضم "الرحلة إلي برلين" و"رسائل البشرى في السياحة بألمانيا وسويسرا "، وقد قدم له الدكتور محمد صابر عرب بدراسة ضافية. والكتاب من إعداد عبد المنعم محمد سعيد. وقد صدر الكتاب ضمن سلسلة "من أدب الرحلات" التي تصدرها المجلس الأعلى للثقافة بمصر.
تشير مقدمة الدكتور محمد صابر عرب إلى نبوغ حسن العدل وتنوع ثقافته وطموحاته العلمية الفائقة؛ وقد كانت أسبابا كافية لاختياره من قبل نظارة المعارف لكي يسافر إلي ألمانيا بمجرد تخرجه في دار العلوم، معلما للغة العربية وآدابها في جامعة برلين التي وصل إليها في ٢٠ سبتمبر ١٨٨٧، حيث قضى خمس سنوات. ولم يكن مجرد معلم بل حرص علي تعلم الألمانية في أقل من ستة أشهر، كما حرص على أن يستفيد من كل مشاهداته التربوية والاجتماعية والسياسية وأن يحيل ذلك كله إلى كتابات كتبها بالمصرية. وفي جميع الحالات كان مصريا نابها وسفيرا لبلاده ومدافعا عن قضاياها. ويرى الدكتور صابر أن رحلة حسن العدل إلى ألمانيا وسويسرا نموذج لأدب الرحلات، ليس لأنها قد سجلت بدقة كل ملاحظات الرجل ومشاهداته وانطباعاته، وإنما لما تميزت به من روح مرحة وطرف خفيفة الظل كان طرفا فيها، كما يلاحظ على رحلة حسن العدل عنايته الفائقة بالتعليم وحرصه على الاستفادة من تجارب كل البلاد التي زارها لدرجة أنه سافر من ألمانيا إلى إنجلترا وفرنسا حيث أمضى عدة شهور متنقلا بين المؤسسات التعليمية والثقافية، فزار جامعات أكسفورد وكمبردج وإبتون، قبل العودة إلى بلاده لكي يقدم خبرته إلى وزارة المعارف المصرية. وعندما أقام الدكتور براون في القاهرة للعمل أستاذا بدار العلوم عام ١٩٠٣ - وكان مكلفا من قبل جامعته لاستقدم احد الاساتذة المصريين للعمل مدرسا للغة العربية في جامعة كمبردج وقع اختياره على حسن العدل الذي سافر إلى انجلترا في أكتوبر ١٩٠٣ وأصبح عضوا في الجمعية الآسيوية الملكية حتى كانت وفاته في ١٩ يونيو عام ١٩٠٤.
تقديم عن طبعة دار السويدي الثقافية الإماراتية (*) عصام حمزة تكشف يوميات الكاتب المصري حسن توفيق العدل المدونة في كتاب عن رحلته لالمانيا في لقرن التاسع عشر عن نزاع فكري ونفسي تجلى في ثنائية الصراع بين الانا والاخر .. بين تقدم الاخر الاوروبي وتخلف الانا العربي وهي ثنائية حكمت جيل العدل بأسره والاجيال اللاحقة الى اليوم. وفي كتابه "رسائل البشرى في السياحة بألمانيا وسويسرا .. رحلة عربي من برلين الى برلين" الذي اصدرته دار السويدي الثقافية الاماراتية في اطار مشروع ارتياد الافاق الذي يعنى بأدب رحلات العرب الى دول العالم خلال العشرة قرون الماضية يكشف الكاتب المصري عن انطباعاته ومقارناته عن ايمان بالعلم والتقدم والحرية وعن تقدير للاختلاف الثقافي والحضاري بين الامم والثقافات. يقول الشاعر نوري الجراح الذي حرر الكتاب وعلق هوامشه ان انطباعات العدل عن الرحلة التي قام بها في أغسطس آب وسبتمبر أيلول من عام ١٨٨٧ وطاف خلالها عشرات المدن والقرى ما بين ألمانيا وسويسرا "لا تختلف عن غيرها من اليوميات العربية في أوروبا في همومها واهتمامات أصحابها." وقال الجراح الذي يشرف على مشروع ارتياد الافاق لرويترز "لم تكن الرحلة من الشرق العربي الى ألمانيا في القرن التاسع عشر رائجة عندما قام صاحب هذه اليوميات برحلته فقد كانت أنظار الرحالة والمسافرين العرب مشدودة يوم ذاك الى فرنسا وبريطانيا."واضاف "كانت كل من باريس ولندن العاصمتين الاكثر اغراء للنخب المثقفة الشرقية المتطلعة الى تحصيل العلم في أوروبا والعمل على احداث تغيير واصلاحات في نظم المجتمع والدولة ولاحقا المناداة بالاستقلال عن دولة الخلافة ممثلة بالباب العالي بالنسبة الى العرب الذين رزحوا تحت نير الحكم التركي أكثر من أربعة قرون." وقال الجراح "في سبتمبر ١٨٨٧ وعلى اثر اختياره من قبل (نظارة المعارف) في القاهرة لتدريس العربية للطلاب الاجانب في برلين ركب العدل الباخرة من الاسكندرية متجها الى ألمانيا وانتهى به المطاف في ٢٠ سبتمبر من العام نفسه في برلين قادما من فيينا." في أكتوبر تشرين الاول من سنة ١٩٠٣ وصل الى انجلترا لتدريس اللغة العربية في جامعة كيمبردج بطلب من الحكومة المصرية فقضى هناك سبعة أشهر أمضاها في التدريس والبحث. وفي ٣١ من مايو أيار سنة ١٩٠٤ وبينما هو في قاعة الدرس أصيب بعارض صحي أودى بحياته تحت أنظار طلابه. أما رحلته من برلين واليها وسياحته في المدن الالمانية والسويسرية التي استمرت شهرا كاملا فقد كتب عن طبيعتها وناسها ومصانعها وعلومها ومدارسها. _________ (*) مُعِدُّ الكتاب للشاملة: نقلا عن رابطة أدباء الشام
انطلق العدل في رحلته من برلين في ١٦ أغسطس اب سنة ١٨٨٩ متجها الى مدينة هانوفر وغادرها الى مدينة مندن وهي بلدة قديمة في ولاية فستفاليا ثم زار عددا من المدن الالمانية قبل أن يعبر الى الاراضي السويسرية. ورجع من سياحته بعد شهر قضاه في شوارع المدن وأحضان الطبيعة الخلابة فوصل الى برلين يوم ١٥ سبتمبر أيلول عام ١٨٨٩. ويقول الجراح معلقا على رحلة العدل "لم يكن رحالتنا أول من دون يوميات وانطباعات عن ألمانيا أواخر القرن التاسع عشر فقد سبقه رحالة واحد على الاقل هو اللبناني سليم بسترس الذي زار ألمانيا قادما من بيروت عبر الاستانة سنة ١٨٥٥ وعاصره محمد أمين فكري الذي زارها في سنة ١٨٨٩ وهي السنة نفسها التي دون فيها العدل سياحته." ويضيف "لحقت بهؤلاء مجموعة من الادباء والشعراء والباحثين العرب الذين زاروا أوروبا وعرجوا على ألمانيا فدونوا انطباعات شكلت جزءا من مجمل انطباعاتهم عن الحياة الاوروبية." ويمضي الجراح "نجد أن العدل يتميز عن هؤلاء أولا .. في أن سياحته انحصرت بألمانيا وبالجزء الالماني من سويسرا وبأنه قام برحلته خلال اقامة طويلة نسبيا في برلين أجاد خلالها اللغة الالمانية وقرأ في التاريخ الالماني وعبر مرارا في كتاباته عن اعجابه بالشخصية الالمانية وبشخصية الامير بسمارك على نحو خاص." السمة الثانية التي تنفرد بها رحلة العدل بين أخواتها من الرحلات العربية أنه تاريخيا يعد الاسبق الذي سعى الى تدوين سياحته بين ألمانيا وسويسرا في كتاب مستقل. وهناك سمة ثالثة هي اشتراكه مع رفاعة رافع الطهطاوي في تكوينهما الازهري بينما تحدر الرحالة الاخرون بمن فيهم المصريون من مرجعية ثقافية مختلفة. ورأى الجراح ان المشترك بين العدل وهؤلاء الرحالة جميعا أن نصوصهم تكشف عن طبيعة اهتمام النخب العربية المثقفة بأوروبا من خلال تأملها في النموذج الالماني فهي تعبر عن مراحل مهمة من الاتصال المتجدد بالغرب ما بين أواسط القرن التاسع عشر وأواسط القرن العشرين. وقال ان نصوص الرحلات تعكس انطباعات وأفكارا وملاحظات لشرقيين ينتمي أكثرهم الى المجموعات المفكرة التائقة الى تغيير نمط الحياة في الشرق العربي ليساير التطور ويدخل الى العصر وبالتالي تفصح نصوص الرحلة العربية الى ألمانيا وأكثرها مجهول عن رؤية تلك النخبة للحياة الاوروبية كالعمران والتمدن والصناعة والفنون والتعليم والفكر والتخطيط الاجتماعي وغير ذلك مما يشكل بنية الحياة الحديثة وتجلياتها في الثقافة والاجتماع وكذلك نظرتها الى الشخصية الالمانية وما رأت أنها تتميز به من خصال.
ووصف الجراح هذه النصوص بانها نصوص مسافرين "لم يهمل جلهم اعمال الفكر في أسباب تقدم الغرب من دون اغفال أهمية المقارنة بين عناصر الاختلاف القائمة بين الشرق والغرب وعليه فان كتاباتهم عن ألمانيا تمثل تطلعات نخبة أملت بكثير من الرومانسية في أن تستلهم حداثة الغرب وتحذو حذوه في انتهاج سبيل العصرنة للانتقال بمجتمعاتهم من حال التخلف واللحاق بركب المدينة الحديثة.
تقديم عن طبعة دار السويدي الثقافية الإماراتية (*) عصام حمزة تكشف يوميات الكاتب المصري حسن توفيق العدل المدونة في كتاب عن رحلته لالمانيا في لقرن التاسع عشر عن نزاع فكري ونفسي تجلى في ثنائية الصراع بين الانا والاخر .. بين تقدم الاخر الاوروبي وتخلف الانا العربي وهي ثنائية حكمت جيل العدل بأسره والاجيال اللاحقة الى اليوم. وفي كتابه "رسائل البشرى في السياحة بألمانيا وسويسرا .. رحلة عربي من برلين الى برلين" الذي اصدرته دار السويدي الثقافية الاماراتية في اطار مشروع ارتياد الافاق الذي يعنى بأدب رحلات العرب الى دول العالم خلال العشرة قرون الماضية يكشف الكاتب المصري عن انطباعاته ومقارناته عن ايمان بالعلم والتقدم والحرية وعن تقدير للاختلاف الثقافي والحضاري بين الامم والثقافات. يقول الشاعر نوري الجراح الذي حرر الكتاب وعلق هوامشه ان انطباعات العدل عن الرحلة التي قام بها في أغسطس آب وسبتمبر أيلول من عام ١٨٨٧ وطاف خلالها عشرات المدن والقرى ما بين ألمانيا وسويسرا "لا تختلف عن غيرها من اليوميات العربية في أوروبا في همومها واهتمامات أصحابها." وقال الجراح الذي يشرف على مشروع ارتياد الافاق لرويترز "لم تكن الرحلة من الشرق العربي الى ألمانيا في القرن التاسع عشر رائجة عندما قام صاحب هذه اليوميات برحلته فقد كانت أنظار الرحالة والمسافرين العرب مشدودة يوم ذاك الى فرنسا وبريطانيا."واضاف "كانت كل من باريس ولندن العاصمتين الاكثر اغراء للنخب المثقفة الشرقية المتطلعة الى تحصيل العلم في أوروبا والعمل على احداث تغيير واصلاحات في نظم المجتمع والدولة ولاحقا المناداة بالاستقلال عن دولة الخلافة ممثلة بالباب العالي بالنسبة الى العرب الذين رزحوا تحت نير الحكم التركي أكثر من أربعة قرون." وقال الجراح "في سبتمبر ١٨٨٧ وعلى اثر اختياره من قبل (نظارة المعارف) في القاهرة لتدريس العربية للطلاب الاجانب في برلين ركب العدل الباخرة من الاسكندرية متجها الى ألمانيا وانتهى به المطاف في ٢٠ سبتمبر من العام نفسه في برلين قادما من فيينا." في أكتوبر تشرين الاول من سنة ١٩٠٣ وصل الى انجلترا لتدريس اللغة العربية في جامعة كيمبردج بطلب من الحكومة المصرية فقضى هناك سبعة أشهر أمضاها في التدريس والبحث. وفي ٣١ من مايو أيار سنة ١٩٠٤ وبينما هو في قاعة الدرس أصيب بعارض صحي أودى بحياته تحت أنظار طلابه. أما رحلته من برلين واليها وسياحته في المدن الالمانية والسويسرية التي استمرت شهرا كاملا فقد كتب عن طبيعتها وناسها ومصانعها وعلومها ومدارسها. _________ (*) مُعِدُّ الكتاب للشاملة: نقلا عن رابطة أدباء الشام
انطلق العدل في رحلته من برلين في ١٦ أغسطس اب سنة ١٨٨٩ متجها الى مدينة هانوفر وغادرها الى مدينة مندن وهي بلدة قديمة في ولاية فستفاليا ثم زار عددا من المدن الالمانية قبل أن يعبر الى الاراضي السويسرية. ورجع من سياحته بعد شهر قضاه في شوارع المدن وأحضان الطبيعة الخلابة فوصل الى برلين يوم ١٥ سبتمبر أيلول عام ١٨٨٩. ويقول الجراح معلقا على رحلة العدل "لم يكن رحالتنا أول من دون يوميات وانطباعات عن ألمانيا أواخر القرن التاسع عشر فقد سبقه رحالة واحد على الاقل هو اللبناني سليم بسترس الذي زار ألمانيا قادما من بيروت عبر الاستانة سنة ١٨٥٥ وعاصره محمد أمين فكري الذي زارها في سنة ١٨٨٩ وهي السنة نفسها التي دون فيها العدل سياحته." ويضيف "لحقت بهؤلاء مجموعة من الادباء والشعراء والباحثين العرب الذين زاروا أوروبا وعرجوا على ألمانيا فدونوا انطباعات شكلت جزءا من مجمل انطباعاتهم عن الحياة الاوروبية." ويمضي الجراح "نجد أن العدل يتميز عن هؤلاء أولا .. في أن سياحته انحصرت بألمانيا وبالجزء الالماني من سويسرا وبأنه قام برحلته خلال اقامة طويلة نسبيا في برلين أجاد خلالها اللغة الالمانية وقرأ في التاريخ الالماني وعبر مرارا في كتاباته عن اعجابه بالشخصية الالمانية وبشخصية الامير بسمارك على نحو خاص." السمة الثانية التي تنفرد بها رحلة العدل بين أخواتها من الرحلات العربية أنه تاريخيا يعد الاسبق الذي سعى الى تدوين سياحته بين ألمانيا وسويسرا في كتاب مستقل. وهناك سمة ثالثة هي اشتراكه مع رفاعة رافع الطهطاوي في تكوينهما الازهري بينما تحدر الرحالة الاخرون بمن فيهم المصريون من مرجعية ثقافية مختلفة. ورأى الجراح ان المشترك بين العدل وهؤلاء الرحالة جميعا أن نصوصهم تكشف عن طبيعة اهتمام النخب العربية المثقفة بأوروبا من خلال تأملها في النموذج الالماني فهي تعبر عن مراحل مهمة من الاتصال المتجدد بالغرب ما بين أواسط القرن التاسع عشر وأواسط القرن العشرين. وقال ان نصوص الرحلات تعكس انطباعات وأفكارا وملاحظات لشرقيين ينتمي أكثرهم الى المجموعات المفكرة التائقة الى تغيير نمط الحياة في الشرق العربي ليساير التطور ويدخل الى العصر وبالتالي تفصح نصوص الرحلة العربية الى ألمانيا وأكثرها مجهول عن رؤية تلك النخبة للحياة الاوروبية كالعمران والتمدن والصناعة والفنون والتعليم والفكر والتخطيط الاجتماعي وغير ذلك مما يشكل بنية الحياة الحديثة وتجلياتها في الثقافة والاجتماع وكذلك نظرتها الى الشخصية الالمانية وما رأت أنها تتميز به من خصال.
ووصف الجراح هذه النصوص بانها نصوص مسافرين "لم يهمل جلهم اعمال الفكر في أسباب تقدم الغرب من دون اغفال أهمية المقارنة بين عناصر الاختلاف القائمة بين الشرق والغرب وعليه فان كتاباتهم عن ألمانيا تمثل تطلعات نخبة أملت بكثير من الرومانسية في أن تستلهم حداثة الغرب وتحذو حذوه في انتهاج سبيل العصرنة للانتقال بمجتمعاتهم من حال التخلف واللحاق بركب المدينة الحديثة.
Unknown page