268

Rasail Bulagha

رسائل البلغاء

Genres

فالقلب يكتمها والعين تبديها

والعين تعرف في عيني محدثها

من كان من حزبها أو من يعاديها

عيناك قد دلتا عيني منك على

أشياء لولاهما ما كنت أدريها

إن الأمور التي تخشى عواقبها

إن السلامة منها ترك ما فيها

وقال في كثرة المال وقلته: لا تستكثر مال أحد ولا تستقله، حتى تعلم ما عياله؛ فإن من كثر ماله وعياله فهو مقل، ومن قل ماله وعياله فهو مكثر.

وقال في ذكر الأحمق ودخوله فيما لا يعنيه: وأكثرهم دخولا بما لا يدخل فيه، وأرضاهم بما لا يكفيه، عدوه أعلم بسره من صديقه، وصديقه قد غص منه بريقه، ولا يثق بمن نصحه، ولا يتهم من خدعه، ولا يأمن إلا من يخونه، ولا يتحفظ إلا ممن يحفظه، ولا يكرم إلا من يهينه، أشبه شيء خلقا باللئيم، إن أحسنت إليه لم يشكر، وإن أسأت إليه لم يشعر، لا ينفعك من وجه إلا ضرك من وجوه: إن أقبل عليك لم يسرك ، وإن أدبر عنك لم يضرك، إن أفسد شيئا لم يحسن أن يصلحه، وإن أصلح شيئا أفسده، إن أحببته فرأى منك حسنا لم يحسن أن ينشره، وهو مع ذلك بخطئه أشد إعجابا من العاقل بصوابه، إن جلس إلى العلماء لم يزدد إلا جهلا، وإن جلس إلى الحكماء لم يزدد إلا طيشا، وإنما جعل نفسه المحدث لهم يكلفهم أن يكونوا المنصتين له!

أعيا الناس إذا تكلم، وأجهلهم إذا تعلم، وأصحبهم لمن يشينه، وأرفضهم لمن يزينه، وأشدهم في موضع اللين، وألينهم في موضع الشدة، وأجبنهم في موضع الشجاعة، إن افتقر عجب من الناس كيف يستغنون، وإن استغنى عجب من الناس كيف يفتقرون، لا يفهم إن حدثته ولا يفقه إن أفهمته، ولا يقبل إن وعظته، ولا يذكر إن ذكرته، وفي ذلك أقول شعرا:

Unknown page